للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ مِنْهُ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَفُتْ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ أَمَدُ الْخِيَارِ فَلَهُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ يَوْمَ مُضِيِّهِ، وَقِيلَ يَوْمَ الْقَبْضِ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مِنْ الْبُعْدِ ضِدُّ الْقُرْبِ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى، وَصَوَابُهُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ أَيْ يَتَجَاوَزَ أَمَدَ الْخِيَارِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (أَوْ مَجْهُولَةٍ)

ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ كَقَوْلِهِمَا إلَى قُدُومِ زَيْدٍ، وَلَا أَمَارَةَ عِنْدَهُمَا إلَى قُدُومِهِ، أَوْ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ، وَلَا حَمْلَ عِنْدَهُ، أَوْ إلَى أَنْ يُنْفِقَ سُوقٌ السِّلْعَةَ، وَلَا أَوَانَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عُرْفًا أَنَّهَا تُنْفَقُ فِيهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ لَهُ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ إذَا شَرَطَ خِيَارًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ أَجَلًا مَجْهُولًا فَسَدَ، وَإِنْ أَسْقَطَهُ اهـ.

(فَرْعٌ:) الظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.

ص (أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) ش هَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْخِيَارِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ: لَمَّا ذَكَرَ الْخِيَارَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ فَقَالَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَغِيبَ الْمُبْتَاعُ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ مِنْ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ فَيَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا، ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ اهـ. وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ: لَا يُغَابُ، وَمُرَادُهُ الْغَيْبَةُ بِالشَّرْطِ، وَإِلَّا، فَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي جَازَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا مَعَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الثَّمَنِ اهـ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ غَيْبَةٍ أَنَّ غَيْبَةَ الْبَائِعِ أَيْضًا مُمْتَنِعَةٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى امْتِنَاعِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ قَالَ: وَلْيُجِزْ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ، وَيُقَدَّرُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ، فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ، وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَبْقَى بِيَدِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ شَيْئِهِ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ فَسَادِ الْبَيْعِ بِاشْتِرَاطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ، وَنَصَّهُ نَاقِلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَسَحْنُونٍ: وَلَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ.

اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُطَبَّعَ، فَإِنْ غَابَ دُونَهُ لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ طَوْعًا اهـ. وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ جَائِزٌ إلَى مُدَّةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا، وَلَا يَغِيبُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ، وَلَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُطَبَّعَ عَلَيْهَا، أَوْ يَكُونَ الثَّمَرُ فِي شَجَرَةٍ، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يُطَبَّعْ عَلَيْهَا لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ، وَلَا يُتَّهَمُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ هَذَا، أَوْ مِثْلَهَا وَلِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَسَلَّفَهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا بِيعَ بِالْخِيَارِ مِمَّا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، أَوْ الْقَمْحِ وَالزَّيْتِ فَلَا يَغِيبُ عَلَيْهِ بَائِعٌ، وَلَا مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَا مَضَى، وَلَمْ يُفْسَخْ.

[الْخِيَارُ يَكُونُ لِثَلَاثٍ]

(الثَّانِي:) يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ الْغَيْبَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَهَلْ يُقْضَى بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا طَلَبَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْخِيَارُ يَكُونُ لِثَلَاثٍ: لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلِعِلْمِ غَلَائِهِ مِنْ رُخْصِهِ وَالثَّانِي: لِيُؤَامِرَ نَفْسَهُ فِي الْعَزْمِ عَلَى الشِّرَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَوْضِعِ الثَّمَنِ مِنْ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، وَالثَّالِثُ لِيَخْتَبِرَ الْمَبِيعَ، وَأَيَّ ذَلِكَ قَصَدَ بِالْخِيَارِ جَازَ، وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِيَتَرَوَّى فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>