للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنَ يُونُسَ لَمْ يَتَنَازَلَا لِظَنِّ اللُّزُومِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فِي: بَابِ مَنْ رَهَنَ رَهْنًا بِدِينَارَيْنِ فَقَضَى أَحَدَهُمَا أَوْ بِعَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَ عَبْدًا وَاحِدًا بِيعَ بِمِائَةٍ بَيْعًا فَاسِدًا فَكَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ فَقِيلَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الرَّهْنُ رَهْنٌ بِالْبَاقِي وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ: إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي حُقُوقٍ ثَلَاثَةٍ فَقُضِيَ أَحَدُهَا أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ. فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ عَلَى إنْ رَهَنَهُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَوْلَانِ فَقِيلَ يَقْبِضُ الرَّهْنَ وَيَسْقُطُ نِصْفُهُ وَهُوَ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ، وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُ رَهْنًا بِالثَّانِي مِثْلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى هَذَا يُفَضُّ الرَّهْنُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَفِي الطَّلَاقِ إذَا رَهَنَ بِالصَّدَاقِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَضِّ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً أَنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا فِي الْبَاقِي. وَمَنْ أَسْلَمَ دِينَارًا فِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَأَخَذَ بِهَا رَهْنًا ثُمَّ فَسَخَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الدِّينَارُ وَالدَّرَاهِمُ سَوَاءً كَانَ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ دِينَارُهُ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الدِّينَارِ أَرْبَعِينَ كَانَ أَحَقَّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الرَّهْنِ وَالْبَاقِي هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ ثُمَّ يُسَلَّمُ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عِشْرِينَ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِثُلُثَيْهِ وَيَسْقُطُ مِنْ الرَّهْنِ مَا يَنُوبُ الْعَشَرَةَ الزَّائِدَةَ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُسْتَحَقَّةِ اهـ.

وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَلْنَذْكُرْ أَوَّلًا كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ نَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ لَمْ يَنْقُلْهُ

قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَرَهَنَك بِهِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ مِنْكَ إلَى الْأَجَلِ فَالرَّهْنُ لَكَ بِدَيْنِكَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَيَنْقَضِ هَذَا الرَّهْنُ وَلَا يُنْظَرُ بِهِ إلَى الْأَجَلِ وَلَكَ أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّكَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ وَيَصِيرُ السَّلَفُ حَالًّا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَفِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصِحُّ لَهُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ الثَّمَنُ أَوْ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ فِي السَّلَفِ لَا يَدْرِي هَلْ يَرْجِعُ إلَيْهِ مَا سَلَّفَ أَوْ الرَّهْنُ فَإِنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَسَخَ الْبَيْعَ إنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَتَكُونُ فِيهَا الْقِيمَةُ حَالَّةً، وَيَصِيرُ السَّلَفُ حَالًّا وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِالرَّهْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ وَقَعَ الْبَيْعُ.

وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّهْنُ بَعْدَ أَنْ صَحَّ الْبَيْعُ أَوْ السَّلَفُ لَمْ يُفْسَخْ إلَّا الرَّهْنُ وَحْدَهُ وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِهِ وَيَبْقَى الْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ بِلَا رَهْنٍ إلَى أَجَلِهِ وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهَذَا الرَّهْنِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ كَقَوْلِهِمْ فِيمَنْ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ رَهْنًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِهِ رَهْنًا، وَإِنْ قُبِضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَحَمَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ يُونُسَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُمَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَقَالَ عِيَاضٌ: ظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فِي ثَمَنٍ حَالٍّ فَأَخَّرَهُ بِهِ لِأَجَلِ الرَّهْنِ فَاسْتَوَى هُنَا فِيهِ الْبَيْعُ وَالْقَرْضُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانَ تَأْخِيرُهُ عَلَى هَذَا الرَّهْنِ كَالسَّلَفِ عَلَيْهِ وَصَارَ بَيْعًا فَاسِدًا بَاعَ مِنْهُ هَذَا الرَّهْنَ بِهَذَا الدَّيْنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ بِشَرْطِ إنْ لَمْ يُوفِهِ دَيْنَهُ فَإِنْ وَفَّاهُ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَصَارَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَالْبَيْعُ وَالسَّلَفُ مَرَّةً بَيْعًا وَمَرَّةً سَلَفًا فَيُرَدُّ وَيُفْسَخُ هَذَا الشَّرْطُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الْأَجَلَ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ السَّلَفِ سَلَفَهُ وَالْبَائِعُ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ صَحَّ وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ فِي الرَّهْنِ فِي ثَمَنِهِ وَيَكُونُ هُنَا أَحَقُّ بِرَهْنِهِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الرَّهْنِ أَخَذَهُ اهـ.

وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ فِيمَا إذَا وَقَعَ الرَّهْنُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لَا فِي حَمْلِ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ عِيَاضًا إنَّمَا قَالَ: إنَّهُ يَكُونُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ أَنَّ الثَّمَنَ وَالسَّلَفَ حَالَّانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>