للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهَبُ وَتَرْجِعُ أَنْتَ فِيمَا وَضَعْتَهُ مِنْ حَقِّكَ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَضَعْ لِتَتْبَعَ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ فَتَقَاصُّهُ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ فَضْلٌ وَدِيَتُهُ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَكَ فِيهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَلْ يُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ، أَوْ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فَلْيُنْظَرْ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَسْأَلَةَ مَا إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ وَوَجَبَتْ لِصَاحِبِهِ الْقِيمَةُ فَهَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْقِيمَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ أَمْ لَا ذُكِرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِالْقِيمَةِ وَعَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا.

ص (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيَ الرَّهْنِيَّةِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ وَكَانَ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ شَيْءٌ لِلْمِدْيَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ رَهْنٌ فِي الدَّيْنِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَيْسَ بِرَهْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى نَفْيَ الرَّهْنِيَّةِ (فَإِنْ قُلْت) لِمَ حَمَلْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ رَهْنٌ وَأَنْكَرَ الْمِدْيَانُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمِدْيَانِ يَدَّعِي الرَّهْنِيَّةَ وَرَبُّ الدَّيْنِ يُنْكِرُهَا فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ وَلَا إلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ.

(قُلْت) يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِيمَا إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَادَّعَى الْمِدْيَانُ أَنَّ الْمَتَاعَ كَانَ رَهْنًا لِيَضْمَنَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الرَّهْنِيَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَقَدْ نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ عَبْدَانِ فَادَّعَى أَنَّهُمَا رَهْنٌ بِأَلْفٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ وَأَوْدَعْتُكَ الْآخَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى فِي سِلْعَةٍ بِيَدِهِ، أَوْ عَبْدٍ أَنَّ ذَلِكَ رَهْنٌ، وَقَالَ: رَبُّهُ بَلْ عَارِيَّةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ رَبُّهُ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَوْ كَانَ نَمَطًا وَجُبَّةً فَهَلَكَ النَّمَطُ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَوْدَعَنِي النَّمَطَ وَالْجُبَّةَ رَهْنًا، وَقَالَ الرَّاهِنُ: النَّمَطُ رَهْنٌ، وَالْجُبَّةُ هِيَ الْوَدِيعَةُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي تَضْمِينِ الْمُرْتَهِنِ لِمَا هَلَكَ، وَلَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْجُبَّةَ رَهْنٌ وَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا اهـ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَيَحْلِفَانِ وَلِهَذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيَ الرَّهْنِيَّةِ وَأَيْضًا فَفِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ مُسَامَحَةٌ أُخْرَى مُرِيبَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ: الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ رَاهِنٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَوْلُهُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ يُرِيدُ عَلَى دَعْوَى خَصْمِهِ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَثْبُتْ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي نَفْيَ الرَّهْنِيَّةِ مَعَ يَمِينِهِ (الثَّانِي) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مُتَّحِدًا، أَوْ مُتَعَدِّدًا وَسَلَّمَ الرَّاهِنُ كَوْنَ الرَّهْنِيَّةِ فِي بَعْضِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَصُدِّقَ نَافِي الرَّهْنِيَّةِ كَبَعْضٍ مُتَعَدِّدٍ، وَسَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.

(الثَّالِثُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ تُصَدِّقُ الْعَادَةُ الْمُرْتَهِنَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَبَيَّاعِ الْخُبْزِ وَشِبْهِهِ يُدْفَعُ لَهُ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ وَيَدَّعِي الرَّهْنِيَّةَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ: أَنَّهُ وَدِيعَةٌ خَلِيلٍ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ التَّقْيِيدَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ كَخَبَّازٍ يَتْرُكُ عِنْدَهُ الْخَاتَمَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ خِلَافٌ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ قَوْلًا ثَالِثًا وَنَصُّهُ: " وَلَوْ ادَّعَى حَائِزُ شَيْءٍ ارْتِهَانَهُ وَرَبُّهُ إيدَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>