للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَعْضِهِ فَيَتَحَمَّلُ حَمَالَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْدَمُ لَا يَسْعَهُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَحَمَالَتُهُ مُرُودَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي عَنْ الدَّيْنِ لَا يَفِي بِمَا تَحَمَّلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ يَفِي صَحَّتْ حَمَالَتُهُ.

(قُلْت) وَأَخَذُوا مِنْ هَذَا، وَمِنْ نَظَائِرِهِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرْضٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ، وَأَنَّ أَصْحَابَ الْمُكُوسِ لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ عِتْقٌ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا بِمُحَابَاةٍ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قُبَالَةِ أَحْبَاسٍ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالدَّيْنُ أَحَقُّ بِالْمُحَابَاةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالْمُبْتَاعُ أَوْلَى بِهَا وَيَحْلِفُ مَا كَانَ تَوْلِيجًا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ وَاقِدٍ: إنْ أَثْبَتَ صَاحِبُ الْحَبْسِ الْمُحَابَاةَ فِي الدَّارِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ وَالدَّيْنُ أَحَقُّ بِالزَّائِدِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمِدْيَانِ لَا تَصِحُّ الْمَشَذَّالِيُّ اُنْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ الْمِدْيَانِ فِي مَسْأَلَةِ رَجُلٍ لَزِمَتْهُ قُبَالَةُ أَحْبَاسٍ فَاعْتَقَلَتْ دَارِهِ اهـ.

ص (وَسَفَرَهُ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَدِينَ مِنْ السَّفَرِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِغَيْبَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) هَذَا الْكَلَامُ فِي الْمَدِينِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِ الدَّيْنِ أَحَاطَ بِمَالِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الثَّانِي) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ إذَا حَلَّ بِغَيْبَتِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِوَفَاءِ الْحَقِّ فَإِنْ وَكَّلَ فَلَا مَنْعَ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ كَابْنِ شَاسٍ وَنَصُّهُ: " وَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا طَلَبُ كَفِيلٍ وَلَا الْإِشْهَادُ إلَّا أَنْ يَحِلَّ فِي غَيْبَتِهِ فَلْيُوَكِّلْ مَنْ يَقْبِضَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ " اهـ. وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْوَكِيلُ فَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: لَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْأَلَةَ هُنَا بِعَدَمِ التَّوْكِيلِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا نَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ نَقْلِ هَذَا الِاسْتِظْهَارِ فِي التَّوْضِيحِ اهـ. وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ كُلَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ.

(الثَّالِثُ) فَإِذَا وَكَّلَ فَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ؟ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَرَدَّدَ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ لَا مُطْلَقًا، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ اهـ.

(الرَّابِعُ) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَحْرَوِيَّةِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَدِينَ مِنْ السَّفَرِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا حَتَّى يَقْبِضَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ بِغَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَلَا تَحْلِيفُهُ وَنَصَّ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَنْوِي الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِقَضَاءِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا تَقْيِيدًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ. بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ: يُرِيدُ وَيَحْلِفُ نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْهُ وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ، وَنَصُّهُ: " وَلِذِي الدَّيْنِ مَنْعُ الْمِدْيَانِ مِنْ سَفَرٍ يَحِلُّ فِيهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُوَفِّيهِ. لَا إنْ كَانَ يَحِلُّ بَعْدَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ فِرَارًا، وَأَنَّ نِيَّتَهُ الْعَوْدُ لِقَضَائِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَلَا " اهـ. وَكَذَلِكَ اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَصُّهُ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ " وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ حُلُولِهِ لَمْ يُمْنَعْ إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ قَدْرُ سَيْرِهِ وَرُجُوعِهِ وَكَانَ مِمَّا لَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمُقَامُهُ، وَإِنْ خَشِيَ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَانَ مَعْرُوفًا بِاللَّدَدِ مُنِعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ لَهُ عَقَارٌ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْقَضَاءِ، أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَيَكُونُ النِّدَاءُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يَرَى أَنَّهُ يُكْمِلُ الْإِشْهَادَ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>