للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرِيدُ بِسَفَرِهِ تَغْيِيبًا، أَمْ لَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا يُسَافِرُ فِرَارًا، وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَوْدَةِ لِمَحِلِّ الْأَجَلِ وَتُرِكَ " اهـ. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ. الْكَبِيرِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَيَكُونُ النِّدَاءُ إلَخْ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ عَلَى الْبَيْعِ يَكُونُ ابْتِدَاءُ بَيْعِهِ وَنِدَائِهِ عَلَى الْعَقَارِ بِمِقْدَارِ مَا يَرَى إلَخْ.

(السَّادِسُ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي الْمِدْيَانِ الْمُوسِرِ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَيْسَ لِلْعَدِيمِ مَنْعُهُ صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الْحَجِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَوَانِعِ الْحَجِّ ابْنُ شَاسٍ: " لِمُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ مَنْعُ الْمُحْرِمِ الْمُوسِرِ مِنْ الْخُرُوجِ وَيَجِبُ أَدَاؤُهُ وَيَمْتَنِعُ تَحَلُّلُهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، أَوْ مُؤَجَّلًا لَمْ يُمْنَعْ " (قُلْت) إنْ كَانَ إيَابُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ اهـ.

[فَرْعٌ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ]

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ سُئِلَ أَبُو إبْرَاهِيمَ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ قَرُبَ الْأَجَلُ أَمْ بَعُدَ فَزَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنْ قَامَ الطَّالِبُ بِشُبْهَةٍ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً حَلَفَ الْمَطْلُوبُ مَا يُرِيدُ سَفَرًا، أَوْ إنْ نَكَلَ كَلَّفَ حَمِيلًا ثِقَةً يَغْرَمُ الْمَالَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ سَافِرْ إنْ شِئْت اهـ. فَتَأَمَّلْهُ.

(فَرْعٌ) مِنْهُ أَيْضًا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: لَا يُمْنَعُ الْخَصْمَانِ مِنْ السَّفَرِ وَلَا مَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَعَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا اسْتَعْمَلَ السَّفَرَ لِيُوَكِّلَ فَإِنْ نَكَلَ مُنِعَ مِنْ التَّوْكِيلِ إلَّا إنْ شَاءَ خَصْمُهُ ابْنُ الْفَخَّارِ وَلَا يَحْلِفُ وَلَهُ التَّوْكِيلُ إنْ كَانَ خَصْمُهُ قَدْ أَحْرَجَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ فَحَلَفَ لَا خَاصَمَ بِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: إنْ حَلَفَ لَا يُخَاصِمُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ اهـ. وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ الْوَكَالَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ الزَّيْزِيُّ فِي تَكْمِيلِهِ.: وَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى نِهَايَةِ سَفَرِهِ قَوْلَانِ اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْكَفَالَةِ، وَنَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَرَاجِعْ أَيَّهُمَا شِئْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ مَنْ الْتَزَمَ لِإِنْسَانٍ أَنَّهُ إنْ سَافَرَ فَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا]

(فَرْعٌ) مَنْ الْتَزَمَ لِإِنْسَانٍ أَنَّهُ إنْ سَافَرَ فَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا، وَكَذَا فَأَرَادَ السَّفَرَ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِهِ وَفِي تَحْمِيلِ حَوَائِجِهِ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالِالْتِزَامِ أَجَابَ الْوَالِدُ: بِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِدَفْعِ الْمَالِ الْمُلْتَزِمِ بِهِ، أَوْ بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ يَدْفَعُ عَنْهُ إذَا سَافَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الْمَالِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ إلَّا بَعْدَ سَفَرِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ وَلَوْ عِنْدَ رُكُوبِهِ، أَوْ حُصُولِ عَائِقٍ يَمْنَعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأُخِذَ مِنْ هُنَا مَسْأَلَةُ مُطَالَبَةِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِالنَّفَقَةِ عِنْدَ سَفَرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا بَعْضُهُ وَرَهْنُهُ)

ش: هَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَلَا رَهْنُهُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَنَقَلَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَنَصُّهُ: " وَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّ مَرِيضًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِدْيَانًا، أَوْ غَيْرَ مِدْيَانٍ فَإِنْ كَانَ مِدْيَانًا فَتَصَرُّفُهُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ جَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يُحَابِ وَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَعَارِفِ مَمْنُوعٌ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَفِي قَضَائِهِ وَرَهْنِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْجَوَازُ لِلْغَيْرِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ، وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالرَّهْنِ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ " اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: الْمَعَارِفِ. الْمَعْرُوفَ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، ثُمَّ اسْتَحْدَثَ فِي مَرَضِهِ دَيْنًا بِبَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ وَرَهَنَ فِيهِ رَهْنًا فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حِينَ الرَّهْنِ مَرِيضًا فَلَيْسَ بِضَارٍّ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابِ فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ رَهْنُهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالْبَيْعِ وَسَبَبُهُ كَانَ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ.

ص (وَفِي تَطَوُّعِهِ بِالْحَجِّ تَرَدُّدٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>