للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَيْثُ ذُكِرَ يُقَيِّدُ بِهِ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ اهـ. وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ: مُقِرٍّ حَاضِرٍ. مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ تَجُزْ الْحَوَالَةُ قَالَ فِي الطُّرَرِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْقُرْطُبِيُّ: لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى غَائِبٍ فَإِنْ وَقَعَ لَمْ تَجُزْ وَفُسِخَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْغَائِبِ مِنْ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ اهـ.

ص (وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ)

ش: احْتَرَزَ بِاللَّازِمِ مِنْ دَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: كَالدَّيْنِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ.

(قُلْت) وَمِنْ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ إلَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْمُحَالُ كَمَا إذَا أَحَالَهُ مُكَاتَبُهُ بِمَا حَلَّ عَلَيْهِ عَلَى مُكَاتَبٍ لِلْمُكَاتَبِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَصِيغَتُهَا)

ش: اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ بِصِيغَتِهَا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَكِنَّهُ أَتَى بَعْدَهُ بِكَلَامِ الْبَيَانِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، أَوْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَيَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ قَالَ: يَحْيَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يَطْلُبُ الرَّجُلَ فِي حَقِّهِ فَيَذْهَبُ بِهِ إلَى غَرِيمٍ لَهُ فَيَقُولُ لَهُ: خُذْ حَقَّكَ مِنْ هَذَا، وَيَأْمُرُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَيَتَقَاضَاهُ إيَّاهُ فَيَقْضِيَهُ. بَعْضَ حَقِّهِ، أَوْ لَا يَقْضِيهِ. فَيُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا بِوَجْهِ الْحَقِّ اللَّازِمِ لِمَنْ أَحَالَ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَحْتَلْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَكْفِيَكَ التَّقَاضِيَ، وَأَمَّا وَجْهُ الْحَوْلِ اللَّازِمِ أَنْ يَقُولَ أُحِيلُكَ عَلَى هَذَا بِحَقِّك وَإِبْرَاءِ ذِمَّتِكَ مِمَّا تَطْلُبُنِي، وَأَنْ لَا أَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَنْتَقِلُ بِهَا الدَّيْنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِيَقِينٍ، وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّكَ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِكَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: اتَّبِعْ فُلَانًا بِحَقِّكَ فِي حَوَالَةٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» قَالَ: فَلَمَّا أَتَى بِلَفْظٍ يُشْبِهُ النَّصَّ كَانَ حَوَالَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ وَإِنَّمَا الْبَيِّنُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ قَدْ أَتْبَعْتُكَ عَلَى فُلَانٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ اتْبَعْ فُلَانًا فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ فَذَكَرَهُمَا فِي آخِرِ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَهُوَ الْأَمْرُ مِنْ الْآمِرِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِيجَابِ عَلَيْهِ أَمْ لَا اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. وَالْقَوْلَانِ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا هُمَا الرِّوَايَتَانِ فِي قَوْلِ الْبَائِعِ: خُذْ هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا هَلْ هُوَ إيجَابٌ لِلْبَيْعِ كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ اهـ. نَعَمْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْحَوَالَةِ أَنْ تَكُونَ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَأَطْلَقَ، وَنَصُّهُ: " وَلِلْبَرَاءَةِ بِالْحَوَالَةِ أَرْبَعُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ بِرِضَا الْمُحِيلِ، وَالْمُحَالِ وَأَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ، وَأَنْ لَا يَغُرَّ مَنْ عَدِمَ بِعِلْمِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْحَوَالَةَ وَيَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ كَمَا إذَا قَالَ: خُذْ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْمُحَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيَقُولَ إنَّمَا طَلَبْت مِنْهُ نِيَابَةً عَنْكَ لَا عَلَى أَنَّهَا حَوَالَةٌ أَبْرَأْتُكَ مِنْهَا اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>