للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضَّمَانِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَضْمُونُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَضْمُونُ مَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فَدَخَلَ الْوَجْهُ وَكُلُّ كُلِّيٍّ إلَّا الْجُزْءَ الْحَقِيقِيَّ كَالْمُعَيَّنِ، وَلِذَا جَازَتْ بِعَمَلِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ كُلِّيٌّ حَسْبَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَجْوِبَتُهَا مَعَ غَيْرِهَا وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُفْتِينَ.

ص (وَدَايَنَ فُلَانًا)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ تَحَمَّلَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ قِبَلَ فُلَانٍ فِي لُزُومِ غُرْمِهِ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ وَقَفَهُ عَلَى ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فِي الْبَزَّازِ وَمَا الْعَادَةُ الْمُدَايِنَةُ فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ أَنَا حَمِيلٌ بِمَا بُويِعَ بِهِ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِمَّا بُويِعَ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ إلَّا بِإِقْرَارِهِ وَكَذَا مَنْ شُكِيَ إلَيْهِ مَطْلُ رَجُلٍ فَقَالَ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إلَّا مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ قَوْلُهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ إذَا ثَبَتَ مَا بَايَعَهُ بِهِ زَادَ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ بِمِثْلِهِ الْمَحْمُولُ عَنْهُ وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِيهِ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّكْوَى.

وَقَالَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ: هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ خِلَافُ دَلِيلِ قَوْلِهَا فِيمَنْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا بِهِمَا كَفِيلٌ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ قَدْ جَحَدَهُ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَدْ جَحَدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَتْهُ الْحَمَالَةُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُفْتَرِقَتَانِ مَنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِينَارٍ أَنَا بِهَا كَفِيلٌ لَزِمَتْ الْكَفَالَةُ بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا بِهِ كَفِيلٌ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَالَةُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا بَايَعْت بِهِ فُلَانًا، أَوْ لِمَا بُويِعَ بِهِ وَمَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ فِي قَوْلِهَا: مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَأَنْكَرَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْحَمَالَةُ بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ دَلِيلِ قَوْلِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ يَجْحَدُهُ.

وَأَنَّ عِيسَى سَمِعَ مِثْلَهُ خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ وَفِي دَعْوَى ابْنِ رُشْدٍ الْفَرْقَ دُونَ تَبْيِينِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رَدَّ مُسْتَدَلٍّ عَلَيْهِ بِدَعْوَى عَارِيَّةٍ عَنْ دَلِيلٍ لَغْوٌ اهـ وَنَصُّ كَلَامِ عِيَاضٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَهُوَ مُنْكِرٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَا كَفِيلٌ لَك بِهِ إلَى غَدٍ فَإِنْ لَمْ آتِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي غَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ حَمِيلًا، ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ إقْرَارَ الْمُنْكِرِ بَعْدُ لَا يُلْزِمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ إلَّا بِثَبَاتِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ نَصُّ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ مَذْهَبَ الْكِتَابِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ بَايِعْ فُلَانًا وَقِيلَ بِإِقْرَارِهِ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ دَلِيلُ الْكِتَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فِي قَوْلِهِ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَدْ جَحَدَهُ فَدَلِيلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَيْضًا اهـ.

وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُعَارِضْ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلِاتِّفَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الثَّمَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْكَفَالَةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ: وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ غَرِمَهَا الْكَفِيلُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ ثَالِثَهَا إنْ كَانَ عَدِيمًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ غُرْمٌ لِلْحَمِيلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِسَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ مَعَ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَمَا يَقُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ (قُلْت) : وَفِي الشُّفْعَةِ مِنْهَا مَنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا عَلَيْهِ جَازَ فَإِنْ غَابَ الْمَطْلُوبُ قِيلَ لِلطَّالِبِ أَثْبِتْ حَقَّك بِبَيِّنَةٍ وَخُذْهُ مِنْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْكَفِيلَ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>