للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا نَسَبَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِلَّخْمِيِّ لَا يُلْغَى أَيْضًا وَلَيْسَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ صَرِيحًا فِي الْمُخَالَفَةِ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ، وَلِهَذَا قَالَ: - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -، وَهَذَا نَقْلٌ بِالْمَعْنَى وَجَعَلَ الشَّارِحَانِ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ ذَلِكَ يُلْغَى، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا زَادَ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُلْغَى، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَنَحْوُهُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَهُ فِي الْعَقْدِ، أَوْ كَثِيرَ آلَةٍ فَسَدَتْ، وَلَا يُلْغَى الْيَوْمَانِ فِيهَا عَلَى الْأَظْهَرِ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ لَا يُسَامَحُ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُسَامَحُ بِالْيَسِيرِ فِي الصَّحِيحَةِ، فَكَلَامُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ: وَلَوْ اشْتَرَكَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ شَرِكَةً فَاسِدَةً، وَلَوْ فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لَكَانَ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا فِي قَرِيبِ ذَلِكَ وَبَعِيدِهِ انْتَهَى.

وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْقَوْلِ بِلَغْوِ الْيَوْمَيْنِ فِي الْفَاسِدَةِ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالْقَصِيرَةِ تَرَدُّدٌ، وَيَكُونُ مُرَادُهُ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ مِنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ كَمَا يُلْغَيَانِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، أَوْ لَا يُلْغَيَانِ وَهُوَ الَّذِي نَسَبَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لِلَّخْمِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ كَكَثِيرِ الْآلَةِ فَيُشِيرُ بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ كَمَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ إلْغَاءِ الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ فَكَذَلِكَ تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ الْكَثِيرَةَ مِنْ عِنْدِهِ يُرِيدُ: وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ يَسِيرِ الْآلَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَفَضَّلَ بِهِ أَحَدُهُمَا لَا تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ فَسَادِ الشَّرِكَةِ بِالْآلَةِ الْكَثِيرَةِ، وَلَوْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ فَسَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالشَّرْطِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ تَطَاوَلَ أَحَدُ الْقَصَّارِينَ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ تَافِهٍ مِنْ الْمَاعُونِ لَا قَدْرَ لَهُ فِي الْكِرَاءِ كَالْقَصْرِيَّةِ وَالْمِدَقَّةِ جَازَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ تَطَاوَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِأَدَاةٍ لَا يُلْغَى مِثْلُهَا لِكَثْرَتِهَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهَا وَيَكْتَرِيَ مِنْ الْآخَرِ نِصْفَهُ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَانْظُرْ إذَا تَطَوَّعَ بِهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقَصْرِيَّةُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ هِيَ الصَّحْفَةُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ وَالْمِدَقَّةُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالدَّالِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَهِيَ الْإِرْزَبَّةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الَّتِي يُكْمَدُ بِهَا الثِّيَابُ انْتَهَى. وَيُقَال فِيهَا مِرْزَبَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالتَّخْفِيفِ وَتُشَدَّدُ مَعَ الْهَمْزَةِ وَالْأَدَاةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْآلَةُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ وَهُوَ بَيْنَهُمَا)

ش: أَيْ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ بِسَبَبِ اشْتِرَاكِ الْمُتَشَارِكَيْنِ بِالذِّمَمِ، وَتُسَمَّى شَرِكَةَ الْوُجُوهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ يَعْنِي أَنْ يَدْخُلَا عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا عَلَى ذِمَّتِهِمَا فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِمَا مَعًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ اشْتِرَاكُهُمَا فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا الِاشْتِرَاكُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ وَعَلَى عَمَلِ الْأَبْدَانِ إذَا كَانَتْ صَنْعَةً وَاحِدَةً فَأَمَّا بِالذِّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَا مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَوْ بَلَدَيْنِ يُجْهِزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ تَفَاوُضًا كَذَلِكَ فِي تِجَارَةِ الرَّقِيقِ، وَفِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ، أَوْ بَعْضِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: تَحَمَّلْ عَنِّي بِنِصْفِ مَا اشْتَرَيْت عَلَى أَنْ أَتَحَمَّلَ عَنْك بِنِصْفِ مَا اشْتَرَيْت إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَاضِرَةٍ، أَوْ غَائِبَةٍ فَيَبْتَاعَاهَا بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ وَقَعَتْ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>