للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَذْهَبُ إلَى الِارْتِفَاقِ بِنَصِيبِهِ إنْ كَانَتْ دَارًا يُكْرَى مِثْلُهَا فَوَجْهُ الْعَمَلِ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: إنْ اتَّفَقْتُمْ الْآنَ عَلَى التَّقَاوُمِ فِي الْكِرَاءِ إلَى أَنْ يَنْفُذَ الْبَيْعُ فِيهَا فَتَقَاوَمُوهَا ثُمَّ يَسْكُنُهَا مَنْ أَرَادَ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ أُخْلِيَتْ مِنْكُمْ ثُمَّ شُيِّدَتْ لِلْكِرَاءِ كَمَا تُشَيَّدُ لِلْبَيْعِ فَإِذَا بَلَغَ كِرَاؤُهَا ثَمَنًا مَا كَانَ لِمَنْ أَرَادَ السُّكْنَى أَنْ يَضُمَّ حِصَصَ أَصْحَابِهِ بِمَا بَلَغَتْ، وَيَسْكُنَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مَنْ يُشْرِكُهُ فَالزَّائِدُ أَحَقُّ وَالْإِشَادَةُ لِلْكِرَاءِ عَلَى شَرْطِ التَّسْوِيقِ لِلْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مِنْ السَّاكِنِ فِيهَا مِنْ الْوَرَثَةِ يُخِلُّ بِالْبَيْعِ فَإِنْ أَثْبَتَ أُكْرِيَتْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّ التَّسْوِيقَ لِلْبَيْعِ خَالِيَةً أَفْضَلُ وَأَوْفَرُ لِلثَّمَنِ أُخْلِيَتْ وَأَجَابَ ابْنُ مَالِكٍ: إنْ كَانَتْ الدَّارُ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا أَجِدُ فِيمَا أَظْهَرَ اللَّهُ لِي مِنْ الْعِلْمِ عَلَى مَذْهَبِنَا إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ أَعْرِفُ أَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ مَذْهَبِنَا كَمَا يَعْرِفُ النَّاسُ أَبْنَاءَهُمْ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: كَانَ جَوَابُ ابْنِ عَتَّابٍ مُقْنِعًا لَوْ كَانَ إنْصَافٌ وَائْتِلَافٌ وَلَمْ يَكُنْ تَنَافُرٌ، وَلَا اخْتِلَافٌ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ مَا أَطَالَ فِيهِ ابْنُ الْقَطَّانِ الْكَلَامَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَيْ إبَاحَةِ نَظَرِهَا لِمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُرِيدُوا بَيْعَهَا لَكَانَ الْحُكْمُ أَنْ يَتَقَاوَمُوا كِرَاءَهَا، فَتَأَمَّلْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَبْسًا فَقَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ: وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ وَاسِعَةً فَقَالَ الْأَغْنِيَاءُ نَحْنُ لَا نَحْتَاجُ لِلسُّكْنَى، وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ مَا يَصِيرُ لَنَا مِنْ السُّكْنَى فَنُسْكِنُهُ مَنْ أَحْبَبْنَا، أَوْ نَكْرِيهِ لَهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَلَمْ تَسَعْهُمْ السُّكْنَى أَكُرِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقُسِّمَ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمْ شَرْعًا سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَا يَصِيرُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنُ فِيهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي أَوَائِلِ كِرَاءِ الدُّورِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ شَرِكَةً فَأَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ وَدَعَا إلَى الْبَيْعِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْعُ إلَى الْبَيْعِ وَرَضِيَ بِبَقَاءِ الشَّرِكَةِ وَطَلَبَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَكَانَ الْكِرَاءُ فِي نِصْفٍ شَائِعٍ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَمَرَّةً قَالَ: فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِيَسْكُنَ، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لِيُكْرِيَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ لِيَبِيعَ، وَكَذَلِكَ الْحَانُوتُ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَيَكْرِي أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ شَائِعًا فَلَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ إذَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَكَانَ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ لِيُكْرِيَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِيَجْلِسَ فِيهِ لِلْبَيْعِ جَازَ فَإِنْ كَانَ يُكْرِيهِ مِمَّنْ يَجْلِسُ فِيهِ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الرَّوَاحِلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى كِرَاءِ السُّفُنِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي رَجُلَيْنِ لَهُمَا سَفِينَةٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْمِلَ فِي نَصِيبِهِ مَتَاعًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ يَحْمِلُهُ فَقَالَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ لِلْآخَرِ لَا أَدَعُك تَحْمِلُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا بِكِرَاءٍ، وَقَالَ الْآخَرُ إنَّمَا أَحْمِلُ فِي نَصِيبِي قَالَ: فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَا يُقْضَى لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ بِكِرَاءٍ فَإِمَّا أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ مَا حَمَلَ صَاحِبُهُ مِنْ الشَّحْنَةِ وَالْمَتَاعِ وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْهِمَا انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَزَادَ بَعْدَهُ، وَلَوْ، أَوْسَقَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرُ مَا يُوسِقُ لَكَانَ لِهَذَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَرْكَبِ، وَلَا مَقَالَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ فِي كِرَاءٍ، وَلَا بَيْعٍ؛ لِأَنَّ وَسْقَهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ رِضًا بِتَسْفِيرِهِ تِلْكَ الطَّرِيقَ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا حِينَ، أَوْسَقَ فَلَمَّا قَدِمَ أَنْكَرَ، وَلَمْ يَجِدْ كِرَاءً لَكَانَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوسِقُ فِيهِ فَإِنْ صَارَ لِمَنْ، أَوْسَقَهُ أَقَرَّ وَسْقَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ صَارَ لِلْغَائِبِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أُمِرَ أَنْ يَحُطَّ وَسْقَهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى كِرَاءٍ فَيُتْرَكُ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الْمَرْكَبِ تَحْتَ الْمَاءِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِكَمَالِهِ فِي كِرَاءِ السُّفُنِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مَرْكَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ أَحَدُهُمَا فِي حِصَّتِهِ إلَى الْعُدْوَةِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَا يَحْمِلُ فِي نِصْفِهِ، وَلَا وَجَدَ مَنْ يُكْرِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُ مَا حَمَلَ شَرِيكُهُ مِنْ الْكِرَاءِ فَأَجَابَ: لِلَّذِي لَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُ فِي نَصِيبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>