للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَجْعَلُ الْحَمْلَ ذَكَرًا وَنَعْزِلُ لَهُ مِيرَاثَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِاتِّفَاقٍ: وَأَمَّا قَضَاءُ الدَّيْنِ فَلَا يُؤَخَّرُ وَيُؤَدَّى بِاتِّفَاقٍ وَفِي إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ قَوْلَانِ هَكَذَا حَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَذَكَرَ فِيهِ عَنْ ابْنِ أَيْمَنَ أَنَّ الدَّيْنَ يُؤَخَّرُ أَيْضًا وَاعْتَرَضَهُ وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْغَلَطِ الَّذِي لَا يُعَدُّ خِلَافًا وَلَا حُجَّةَ لَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَغْلِيطِهِ ابْنَ أَيْمَنَ وَقَوْلُهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ وَبِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَدَلِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ إلَّا بِحُكْمِ قَاضٍ وَحُكْمُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ مَوْتِ الْمِدْيَانِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَدُ وَرَثَتِهِ إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَالْحُكْمُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ مُتَوَقِّفٍ عَلَى ذَلِكَ، الْأَمْرِ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِعْذَارِ لِكُلِّ الْوَرَثَةِ وَالْحَمْلُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَلَا يَتَقَرَّرُ الْإِعْذَارُ فِي جِهَتِهِ إلَّا بِوَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ وَكِلَاهُمَا يَسْتَحِيلُ قَبْلَ وَضْعِهِ فَتَأَمَّلْهُ، انْتَهَى.

مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ مُخْتَصَرِهِ وَذَكَرَهَا هُنَاكَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ.

(قُلْت) مَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِابْنِ أَيْمَنَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْحَمْلِ ثُبُوتُ عَدَدِ الْوَرَثَةِ الْمَوْجُودِينَ وَالْحَمْلُ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْحَمْلِ وَصِيٌّ وَلَا وَلِيٌّ وَابْن رُشْدٍ لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي رَسْمِ مَرِضَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ بِأَنَّ لِلنَّاظِرِ لِلْحَمْلِ أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ عَلَى مِيرَاثِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ كَأَنْ يَتْرُكَ زَوْجَةً حَامِلًا وَبَنِينَ وَنَصُّهُ: وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي أَنَّ لِلنَّاظِرِ لِلْحَمْلِ أَنْ يُجِيزَ الصُّلْحَ عَلَيْهِ وَيَمْضِيَهُ إذَا رَآهُ نَظَرًا لَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ وَلَا فَسَادٌ لِعِلْمِ الزَّوْجَةِ بِنَصِيبِهَا وَلَا فِي أَنَّ لِلنَّاظِرِ لِلْحَمْلِ أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ إذَا كَانَ نَصِيبُهَا مَعْلُومًا، انْتَهَى.

وَذُكِرَ فِي رَسْمِ الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا عَزَلُوا لِلْحَمْلِ مِيرَاثَهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَسَّمُوا بَقِيَّةَ الْمِيرَاثِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رُجُوعٌ عَلَى مَا عَزَلُوهُ لِلْحَمْلِ إنْ نَقَصَ مَا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ هَلَكَ وَإِنْ تَلِفَ مَا وَقَفُوهُ لَهُ رَجَعَ عَلَيْهِمْ إنْ وَجَدَهُمْ أَمْلِيَاءَ وَإِنْ أَعْدَمَ بَعْضُهُمْ رَجَعَ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ فَقَاسَمَهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ عَلَى الْعُدَمَاءِ فَإِنْ نَمَا مَا بِأَيْدِيهِمْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ قَسْمَهُمْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَلَوْ نَمَا مَا وَقَفُوهُ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ لِأَنَّهُمْ قَدْ رَضُوا بِمَا أَخَذُوا فَالْقِسْمَةُ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ وَلَا تَجُوزُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ لِلْحَمْلِ نَاظِرٌ قُسِّمَ عَلَيْهِ لَجَازَتْ الْقِسْمَةُ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ.

وَقَالَ بَعْدُ فِيمَنْ تَرَكَ زَوْجَةً حَامِلًا وَأَبَوَيْنِ: الْوَاجِبُ أَنْ يُوقَفَ الْمِيرَاثُ حَتَّى تَضَعَ فَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ وَلَدًا وَجَعَلُوا الْحَمْلَ ذَكَرًا وَعَزَلُوا لَهُ مِيرَاثَهُ وَاقْتَسَمُوا مَا بَقِيَ كَانَتْ مُقَاسَمَةً وَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، انْتَهَى. يَعْنِي مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ قَبْلَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ جَهِلَ الْوَرَثَةُ فَأَعْطُوهَا مِيرَاثَهَا ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا أَعْطَوْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُفَسِّرًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَمَّا مَنْ قَاسَمَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ الْوَرَثَةِ مَلِيًّا فَلْيُقَاسِمْهُمْ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيَتْبَعُ هُوَ وَهُمْ الْمُعْدِمِينَ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ وَلَوْ أَعْطَاهَا الْوَرَثَةُ وَالنَّاظِرُ لِلْيَتِيمِ ثَمَنَهَا أَوْ صَالَحُوهَا عَنْهُ لَجَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ وَلِلْحَمْلِ رُجُوعٌ عَلَيْهَا بِمَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ أَوْ هَلَكَ أَوْ نَقَصَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي رَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ مَنْ أَثْبَتَ حَقًّا عَلَى صَغِيرٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلصَّغِيرِ وَكِيلٌ يُخَاصِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا قُضِيَ عَلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ وَضْعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَامَ لَهُ وَكِيلٌ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ وَضْعِ الْحَمْلِ لِتَأْدِيَةِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا هِيَ بِعَدَدٍ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَوَجَبَ أَنْ يُعَجِّلَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ وَتُؤَخَّرُ قِسْمَةُ بَقِيَّةِ الْمَالِ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>