للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الْحَسَنِ لِاحْتِمَالِ تَرْكِهِ لِلْإِرْفَاقِ وَكَوْنِهِ عَلَى جِهَةِ الْإِجَارَةِ، فَلَمَّا اُحْتُمِلَ الْوَجْهَانِ كَانَ الْأَصْلُ أَنَّ الْأَمْلَاكَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنَّصِّ أَنَّهُ أَرْفَقَهُ، فَيُخْتَلَفُ فِي يَمِينِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ إلَّا بِسُكُوتِهِ، فَلَا يَمِينَ انْتَهَى.

[فَرْعٌ خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ فَاقْتَضَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ]

(فَرْعٌ:) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْوَكَالَاتِ، وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: إذَا خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ، فَاقْتَضَاهُ، أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ وَجَبَتْ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ لِذَلِكَ مُتَطَوِّعًا (قُلْت:) إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً فِيمَا وُلِّيَ، أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَكِرَاءِ الدُّورِ إذَا سَكَنَ طَائِفَةٌ مِنْ دَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى.

وَفِي رَسْمِ طَلَّقَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الرُّهُونِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ يَرْهَنُ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ يَضَعُهَا عَلَى يَدَيْهِ وَيَقْتَضِي غَلَّتَهَا، وَيَقُومُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَطْلُبُ أَنْ يُعْطَى فِي ذَلِكَ أَجْرًا فِيمَا قَامَ بِهِ قَالَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي مِثْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَعْمَلَ بِأَجْرٍ، وَمِثْلُهُ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ طَلَبَهُ، فَأَرَى ذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ مِثْلُهُ يَعْنِي، فَلَا أَرَى لَهُ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا نَحْوُ مَا فِي رَسْمٍ جَامِعٍ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ إجَارَةُ مِثْلِهِ إنْ كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ بِالْإِجَارَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهِ مَا أَقَامَ فِي ذَلِكَ، وَعَنَى بِهِ احْتِسَابًا، وَإِنَّمَا، فَعَلَ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ بِحَقِّهِ فِيهِ عَلَى مَعْنَى مَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى.

وَلَهُ أَيْضًا فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْهُ، مَسْأَلَةٌ: طَالِبُ النَّفَقَةِ عَلَى الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الذَّخِيرَةِ إذَا تَهَدَّمَتْ دَارٌ، فَتَقُومُ عَلَيْهَا فَلَكَ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ مِثْلُكَ يَعْمَلُ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ مَا تَبَرَّعْت انْتَهَى.

وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِيَّةُ فِي إيصَالِ النَّفْعِ لِلْغَيْرِ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَوَاخِرِ الْإِجَارَةِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ فِي الرُّهُونِ، وَفِي اللُّقَطَةِ، وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: إذَا عَجَزَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ عَنْ عَلَفِهَا وَسَيَّبَهَا، فَأَعْلَفَهَا غَيْرَهُ، ثُمَّ وَجَدَهَا رَبُّهَا قَالَ مَالِكٌ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى تَرْكِهَا بِالْإِضْرَارِ لِذَلِكَ، وَيَدْفَعُ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هِيَ لِعَالِفِهَا لِإِعْرَاضِ الْمَالِكِ عَنْهَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الرُّكْنِ الثَّالِث مِنْ الْإِجَارَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ لِنَفْسِهِ انْتَهَى.

وَعُلِمَ مِنْ تَشْبِيهِ الْعَاقِدِ هُنَا بِعَاقِدِ الْبَيْعِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ صَحَّ، وَوَقَفَ عَلَى رِضَاهُ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَلَيْسَ لِذِي الْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَا أَنْفُسَهُمَا دُونَ إذْنِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَا نَظَرَا فِي ذَلِكَ، فَمَا رَأَيَاهُ مِنْ رَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ فَعَلَاهُ مَا لَمْ يَعْمَلَا، فَإِنْ عَمِلَا كَانَ لَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَإِنْ أَصَابَهُمَا مِنْ سَبَبِ الْعَمَلِ شَيْءٌ فَلَهُمَا قِيمَةُ مَا نَقَصَهُمَا أَوْ دِيَتُهُمَا إنْ هَلَكَا، وَلَهُمَا الْأُجْرَةُ إلَى يَوْمِ أَصَابَهُمَا ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُمَا فِيمَا أَصَابَهُمَا مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْعَمَلِ شَيْءٌ انْتَهَى.

[فَرْعٌ آجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ]

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَإِنْ آجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ لَا يُؤَاجِرُ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ، وَأَنْفَقَ الْأَبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ غَنِيًّا، وَالِابْنُ عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ فِيمَا لَا مَعَرَّةَ عَلَى الِابْنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا، أَوْ مُقِلًّا، أَوْ يُرِيدُ تَعْلِيمَ الِابْنِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَبَسَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا فَضَلَ مِنْ عَمَلِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا خَوْفًا مِنْ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ الصَّبِيُّ مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، أَوْ يَمْرَضَ فَلَا يَجِدُ مَا يَأْكُلُ، وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا]

(فَرْعٌ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ: وَيَجُوزُ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا أُمًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَلَا يَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يُزَادَ الصَّبِيُّ فِي أُجْرَتِهِ فَتَقْبَلَ الزِّيَادَةُ وَيَفْسَخَ عَقْدُ الْأُمِّ، وَيَنْظُرَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>