للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ: أَوْ لَا يَضْمَنُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَ الضَّيَاعَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ أَكْرَاهَا مِنْ مِثْلِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَأُضِرَّ مِنْهُ فِي الرُّكُوبِ وَادَّعَى الضَّيَاعَ، هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْوَجْهِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يَضْمَنَ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُؤْتَى مِنْ سَبَبِ الْوَجْهِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ انْتَهَى.

مِنْ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَعْلَمَ صَاحِبَهَا عِنْدَ كِرَائِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُكْرَهْ، وَأَنَّ كِرَاءَهُ إيَّاهَا لِمَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَالَ فِي الْعُمْدَةِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ لَا الرَّاكِبِ، وَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمِثْلِهِ خِفَّةً وَحَذَقًا بِالْمَسِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا، أَوْ يُسْكِنَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ مُؤَجِّرِهَا، أَوْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلِ الْآجِرِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ انْتَهَى.

وَلَهُ نَحْوُهُ فِي الْإِرْشَادِ قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا يَتَعَيَّنُ، وَإِنْ عَيَّنَ بَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مُؤَجِّرَهُ وَغَيْرَهُ بِمِثْلِ الْإِجَارَةِ وَبِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَعْنَاهُ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ دَارًا لِيَسْكُنَهَا، أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَهَا، أَوْ يَرْكَبَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ نَفْسَهُ لِلسُّكْنَى، أَوْ لِلرُّكُوبِ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ يُكْرِيَهَا لِمَنْ شَاءَ مِمَّنْ هُوَ فِي رِفْقِهِ فِي السُّكْنَى، وَفِي خِفَّتِهِ فِي الرُّكُوبِ وَحَذَقِهِ فِي الْمَسِيرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يُمْلِكَهَا لِمَنْ شَاءَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَلِهَذَا يَكُونُ لَهُ إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ مِمَّنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ هَذَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِمُكْتِرِي الدَّابَّةِ لِرُكُوبِهِ كِرَاءَهَا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ، أَوْ مِثْلَهُ، وَإِنْ أَكْرَاهَا لَمْ أَفْسَخْهُ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّاكِبُ، وَلَوْ عُيِّنَ لَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينُهُ، وَجُعِلَ مِثْلَهُ فَأَدْنَى وَاسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ فِي الدَّابَّةِ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يَمُوتَ، أَوْ يَبْدُوَ لَهُ انْتَهَى.

[فَرْعٌ شَرَطَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَا يُكْرِيهَا لِغَيْرِهِ]

(فَرْعٌ:) لَوْ شَرَطَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَا يُكْرِيهَا لِغَيْرِهِ فَكُنْتُ كَتَبْت أَوَّلًا بِأَنِّي لَمْ أَرَ الْآنَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِمِثْلِهِ أَوْ أَخَفَّ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَصَاحِبِ الْعُمْدَةِ أَنَّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ لَا يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عُيِّنَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الدُّورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَلَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْكِرَاءِ أَوْ بِأَقَلَّ، وَمَنْ اكْتَرَى حَانُوتًا لِلْقِصَارَةِ فَلَهُ كِرَاؤُهُ مِنْ حَدَّادٍ أَوْ طَحَّانٍ، أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ ضَرَرًا بِالْبُنْيَانِ فَيُمْنَعُ، وَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمُسَاوِي، ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ اكْتَرَى بَيْتًا، وَشَرَطَ أَنْ لَا يُسْكِنَ مَعَهُ أَحَدًا فَتَزَوَّجَ، أَوْ ابْتَاعَ رَقِيقًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُكْنَاهُمْ ضَرَرٌ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي سُكْنَاهُمْ ضَرَرٌ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَقَدْ تَكُونُ غَرْفَةً ضَعِيفَةَ الْخَشَبِ وَنَحْوَهُ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ اكْتَرَى غَرْفَةً فَشَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يُسْكِنَ مَعَهُ غَيْرَهُ فِيهَا لِضَعْفِ خَشَبِ الْغَرْفَةِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَهُ شَرْطُهُ انْتَهَى.

فَإِنْ كَانَ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُسْكِنَ مَعَهُ غَيْرَهُ لَا يُوفِي لَهُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَمِنْ بَابِ أُولَى أَنْ لَا يُوفِيَ لَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسْكِنَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ رَأَيْت النَّصَّ فِيهِ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَشَهْرٌ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ يَوْمًا لَزِمَ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ، وَنَصُّهُ: ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ، وَأَنَّهُ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَسْكُنْ، فَإِذَا سَكَنَ انْعَقَدَ الْكِرَاءُ فِي الشَّهْرِ، فَإِنْ أَرَادَ إنْ سُكِنَتْ فَالْكِرَاءُ لِي لَازِمٌ، وَلَيْسَ لِي أَنْ أَكْرِيَ مِنْ غَيْرِي كَانَ هَذَا مِنْ بَيْعِ الشُّرُوطِ الَّتِي يَبِيعُ مِنْهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ فَهَذَا لَوْ أَسْقَطُوا الشَّرْطَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ تَمَّ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا إنْ شَرَطَ إنْ خَرَجَتْ عَادَ الْمَسْكَنُ لِلْمُكْرِي، وَعَلَيْهِ جُمْلَةُ الْكِرَاءِ فَهَذَا فَاسِدٌ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ انْتَهَى.

[فَرْعٌ كِرَاءِ الثَّوْبِ]

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ كِرَاءِ الثَّوْبِ: فَإِنْ هَلَكَ بِيَدِكَ لَمْ تَضْمَنْهُ، وَإِنْ دَفَعْتَهُ إلَى غَيْرِكَ كُنْتَ ضَامِنًا إنْ تَلِفَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ مِثْلَهُ، وَمَسْأَلَةُ مَنْ اكْتَرَى فُسْطَاطًا إلَى مَكَّةَ فَأَكْرَاهُ مِنْ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>