للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْعَمَلُ، وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا

تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ

احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَدَ آبِقًا، أَوْ ضَالًّا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَمِمَّنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَدَلَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَبِ الْآبِقِ: فَإِنْ طَلَبَ مَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ انْتَهَى.

قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي شُرُوطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْمَجْعُولَ لَهُ عَمَلُهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَجِدَ آبِقًا مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَمَنْ رَدَّ آبِقًا، أَوْ ضَالَّةً مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ فَلَا جُعْلَ لَهُ عَلَى رَدِّهِ، وَلَا عَلَى دَلَالَتِهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى طَلَبِ عَبْدٍ يَجْهَلُ مَكَانَهُ فَأَمَّا مَنْ وَجَدَ آبِقًا أَوْ ضَالًّا، أَوْ ثِيَابًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَى رَدِّهِ، وَلَا عَلَى أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى مَكَانِهِ بَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَنْ وَجَدَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ رَبُّهُ فِيهِ جُعْلًا فَلَهُ الْجُعْلُ عَلِمَ بِمَا جَعَلَ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ تَكَلَّفَ طَلَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَمْ لَمْ يَتَكَلَّفْ، وَإِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ رَبُّهُ فِيهِ شَيْئًا فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَطْلُبُ الْإِبَاقَ، وَقَدْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ نَصَبَ لِذَلِكَ نَفْسَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نَفَقَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ بِهِ بَدَأَ، وَلَمْ يَبْذُلْ رَبُّهُ فِيهِ جُعْلًا، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبُغ: وَكُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي كِتَابِهِ: إذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ طَلَبُ الْإِبَاقِ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَا نَفَقَةَ قَوْلًا مُجْمَلًا انْتَهَى.

[مَسْأَلَة الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ]

(مَسْأَلَةٌ) : إذَا كَانَ الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ فَلْيَرْفَعْ الْمَجْعُولُ لَهُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي لِيَبِيعَهُ، وَيَحْكُمَ بِجُعْلِهِ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْجُعْلِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ انْتَهَى مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>