للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُتُّفِقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ فَلَا يُصْرَفُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَيُتَوَقَّفُ فِي بُطْلَانِهِ أَوْ صَرْفِهِ إلَى جِهَةِ قُرْبِهِ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ الْأَذَانُ جَمَاعَةً بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْأَذَانَ جَمَاعَةً عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ. قَالَ وَفِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الثَّوَابِ فَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاتِّبَاعِ أَوْ لِأَهْلِ الْجَامِكِيَّةِ وَالْجَامَكِيَّةُ لَا تُصْرَفُ فِي بِدْعَةٍ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً انْتَهَى.

ص (وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ) ش. قَالَ فِي الْإِكْمَالِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْمَازِرِيُّ أَمَّا نَبْشُ الْقُبُورِ وَإِزَالَةُ الْمَوْتَى فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَائِطِ لَمْ يُمَلِّكُوهُمْ تِلْكَ الْبُقْعَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ أَوْ لَعَلَّهُ تَحْبِيسٌ وَقَعَ مِنْهُمْ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَالْكَافِرُ لَا تَلْزَمُهُ الْقُرْبَةُ كَمَا قَالُوا إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا وَهُمَا كَافِرَانِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّ أَيْدِيَ أَصْحَابِ الْحَوَائِطِ زَالَتْ عَنْ الْقُبُورِ لِأَجْلِ مَنْ دُفِنَ فِيهَا. قَالَ عِيَاضٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَحْبِيسِ أَهْلِ الْكُفْرِ بَقَاءُ أَيْدِيهِمْ أَوْ زَوَالُهَا إذْ الْقُرْبَةُ لَا تَصِحُّ مِنْهُمْ وَعُقُودُهُمْ فِيهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلَهُمْ عِنْدَ أَشْيَاخِنَا بِلَا خِلَافٍ الرُّجُوعُ فِي أَحْبَاسِهِمْ وَمَنْعُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا وَيَفْتَرِقُ مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي شَرَطَ فِي إمْضَائِهِ شُيُوخُنَا خُرُوجَهُ مِنْ يَدِهِ إذْ صَارَ ذَلِكَ حَقًّا لِلْمُعْتِقِ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ وَتَسْرِيحِهِ إيَّاهُ وَتَمْلِيكِهِ نَفْسَهُ فَأَشْبَهَ عُقُودَ هِبَاتِهِمْ وَأَعْطِيَتِهِمْ اللَّازِمَةِ انْتَهَى.

ص (وَعَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ)

ش: أَمَّا إذَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ نَصِيبًا فَظَاهِرٌ وَإِذَا شَرَطَ إخْرَاجَهُنَّ إذَا تَزَوَّجْنَ فَصَرَّحَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إخْرَاجِ الْبَنَاتِ مِنْ الْحَبْسِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ وَانْظُرْ لَوْ حَبَسَ عَلَى الْبَنَاتِ دُونَ الْبَنِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صِفَةَ مَا يُكْتَبُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُحْبِسِ أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ لِبَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ عَقَّبَهُ بِالْخِلَافِ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ صِفَةَ مَا يُكْتَبُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُحْبِسِ أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ لِبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّة وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا وَنَصُّ كَلَامِ مَالِكٍ فِي آخِرِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ وَهِيَ آخِرُ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى بَنَاتِهِ حَبْسًا فَإِذَا انْقَرَضَ بَنَاتُهُ فَهِيَ لِذُكُورِ وَلَدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ مُبَتَّلٌ ذَلِكَ لِهَذَا فَيَكُونُ لِلْإِنَاثِ حَتَّى يَهْلِكْنَ جَمِيعُهُنَّ وَلِلرَّجُلِ يَوْمَ هَلَكْنَ كُلُّهُنَّ وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدِ ذُكُورٍ فَقَالَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَحْنُ مِنْ وَلَدِهِ نَدْخُلُ فِي صَدَقَةِ جَدِّنَا وَقَالَ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ نَحْنُ آثَرُ وَأَوْلَى فَقَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ وَلَدُ الْوَلَدِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ إنَّهُ يَدْخُلُ وَلَدُ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ فَهِيَ لِذُكُورِ وَلَدِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ الذَّكَرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فِي الْمِيرَاثِ فَلَمَّا كَانَ لَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ فِي الْمِيرَاثِ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْحَبْسِ وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ مَعَ بَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى بَنَاتِهِ بِصَدَقَةٍ حَبَسَ بَنَاتِ بَنِيهِ الذُّكُورِ لِأَنَّ بِنْتَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ فِي الْمِيرَاثِ إذَا لَمْ يَكُنْ ابْنٌ وَلَا ابْنَةٌ فَلَا شَيْءَ لِذُكُورِ وَلَدِ الْمُحْبِسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى تَنْقَرِضَ بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ بَنِيهِ الذُّكُورِ انْتَهَى.

فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فَلَا شَيْءَ لِذُكُورِ وَلَدِ الْمُحْبِسِ إلَى آخِرِهِ مَعَ جَوَابِ مَالِكٍ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ دُخُولِ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ الْأَوْلَادِ وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلْحُكْمِ فِي تَخْصِيصِ الْبَنَاتِ دُونَ الْبَنِينَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَائِزًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَنْزِلِهِ قَبْلَ عَامٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>