للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْقَضُ وَفَوْتُ الْحَبْسِ عِنْدِي أَنْ يُحَازَ عَنْ الْمُحْبِسِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ يَمُوتَ يُرِيدُ أَوْ يَمُوتَ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ وَرَأَى أَنَّ الْحَبْسَ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ الْمُحْبِسِ عَنْهُ أَنْ يَبْطُلَ الْحَبْسُ وَيَدْخُلَ الْإِنَاثُ فِيهِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْأَحْبَاسَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا حَتَّى تُقْبَضَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا لَا يُفْسَخُ الْحَبْسُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ بِفَسْخِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالَ إنَّمَا يُفْعَلُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ فَسْخِ الْحَبْسِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ مُسَجَّلًا إنَّمَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَأْبَهُ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ لَهُ فَسْخُهُ وَيُقِرُّ عَلَى مَا حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا لَهُ بِرَدِّهِ وَهُمْ كِبَارٌ.

قَالَ مَالِكٌ إنْ لَمْ يُخَاصِمْ فَلْيَرُدَّ الْحَبْسَ حَتَّى يَجْعَلَهُ عَلَى صَوَابٍ. ظَاهِرُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ مِنْ الْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ خُوصِمَ فَلْيُقِرَّهُ عَلَى حَالِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ قَدْ حِيزَ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ فَرَّقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي فَسْخِ الْحَبْسِ بِأَنْ يُحَازَى عَنْهُ أَوْ لَا يُحَازَ وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلَى مَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْحَبْسَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَرِضَاهُمْ وَقَدْ تَأَوَّلَ أَيْضًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ حِيزَ عَنْهُ وَإِنْ أَبَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَا يَرَى إعْمَالَ الْحَبْسِ جُمْلَةً وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ شَكٍّ بَعْدَ هَذَا مِنْ هَذَا السَّمَاعِ وَفِي رَسْمِ نَذْرٍ وَتَأَوَّلَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحَبْسَ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ الْحَبْسُ فَيَتَحَصَّلُ عَلَى هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبِسُ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ الْحَبْسُ وَيَرْجِعَ لِمِلْكِهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُحْبِسَ يَفْسَخُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَفْسَخُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يَفْسَخُهُ.

وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ وَإِنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْ الْحَبْسِ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة إنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ إنْ تَزَوَّجْنَ فَالْحَبْسُ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَلْيَفْسَخْهُ وَيَجْعَلُهُ مُسَجَّلًا وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُفْسَخْ فَجَعَلَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ الْحَوْزِ وَيَجْعَلَهُ مُسَجَّلًا مَا لَمْ يَمُتْ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ أَبْطَلَ وَقْفَهُ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّة فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَحُزْهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ وَإِنْ حِيزَ مَا لَمْ يَفُتْ انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُمَا بِرُمَّتِهِ وَقَالَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ قُلْت فِي قَوْلِهِ هُوَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إنَّهُ مَكْرُوهٌ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إذَا وَقَعَ أُمْضِيَ وَلَمْ يُفْسَخْ وَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَالَ: الْأَوَّلَانِ تَأَوَّلَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ وَالرَّابِعُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْبَاجِيُّ قَبْلَ ذِكْرِهَا ابْنُ زَرْقُونٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَاتَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ فَأَرَى أَنْ يَرُدَّهُ وَيَدْخُلَ فِيهِ الْبَنَاتُ وَنَحْوُهُ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ.

(قُلْت) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَوْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا سِوَى الْأَوَّلِ مِنْهَا وَإِنَّ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ مَا لَمْ يَمُتْ فَإِنْ مَاتَ مَضَى وَهُوَ أَبْيَنُ ثُمَّ قَالَ فَفِي الْحَبْسِ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَزَوَّجْنَ أَرْبَعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَخَامِسُهَا جَوَازُهُ وَسَادِسُهَا كَرَاهَتُهُ وَسَابِعُهَا فَوْتُهُ بِحَوْزِهِ وَإِلَّا فَسَخَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>