للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَخَلَ فِيهِ الْبَنَاتُ لِلْوَقَارِ وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ أَوَّلِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.

فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ إخْرَاجَهُنَّ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجْنَ أَوْ قَبْلُ يَتَحَصَّلُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَبْسَ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ وَيَرْجِعُ لِمِلْكِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّة. الثَّانِي أَنَّهُ يُفْسَخُ وَيَرْجِعُ لِمَالِكِهِ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ. الثَّالِثُ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَهُوَ مُتَأَوَّلٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّة. الرَّابِعُ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ لَمْ يَدْخُلْنَ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا السَّمَاعِ. وَالْخَامِسُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصُّهُ وَإِنْ حَبَسَ دَارًا وَشَرَطَ عَلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ أَنْ يَرُمَّهَا إنْ احْتَاجَتْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَذَلِكَ كِرَاءٌ وَلَيْسَ بِحَبْسٍ فَإِذَا نَزَلَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَرَمَّتُهَا مِنْ غَلَّتِهَا فَأَجَازَ الْحَبْسَ وَأَسْقَطَ الشَّرْطَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُرَدُّ الْحَبْسُ مَا لَمْ يُقْبَضْ انْتَهَى. وَذَكَرَ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَاخْتُلِفَ فِيهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَسُئِلَ عَمَّنْ حَبَسَ حَبْسًا وَشَرَطَ فِي حَبْسِهِ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى بِهِ الْعُمْرُ وَاحْتَاجَ رَجَعَ فِي حَبْسِهِ وَبَاعَهُ وَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ هَلْ يَنْفُذُ الْحَبْسُ وَيَجُوزُ الشَّرْطُ أَوْ يَنْفُذُ الشَّرْطُ وَيَبْطُلُ الْحَبْسُ فَأَجَابَ بِأَنْ قَالَ الشَّرْطُ الَّذِي ذَكَرْت إنْ كَانَ فِي التَّحْبِيسِ يُوجِبُ صَرْفَ الْحَبْسِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبِسِ إلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ نَفَذَ الْحَبْسُ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ فَاحْمِلْ مِنْهُ الثُّلُثَ.

[فَرَعٌ الرَّجُلِ يَحْبِسُ الْحَائِطَ صَدَقَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ الثَّالِثِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَحْبِسُ الْحَائِطَ صَدَقَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ أَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ تَمْرًا أَمْ يُبَاعُ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَذَلِكَ إلَى مَا قَالَ فِيهِ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ إلَى رَأْيِ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ وَاجْتِهَادِهِ إنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ لَمْ يَقُلْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إنْ رَأَى خَيْرًا أَنْ يَبِيعَ وَيُقَسِّمَ ثَمَنَهُ وَإِنْ رَأَى خَيْرًا أَنْ يُقَسِّمَ ثَمَرَهُ قَسَّمَهُ ثَمَرًا فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَرُبَّمَا كَانَ الْحَائِطُ نَائِيًا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ حُمِلَ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمَسَاكِينِ حَمْلُهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي النَّاسِ الْحَاجَةُ إلَى الطَّعَامِ فَيَكُونُ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَسَّمُ إذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَخَيْرٌ وَهَذِهِ صَدَقَاتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا مَا يُبَاعُ فَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ وَمِنْهَا مَا يُقَسَّمُ ثَمَرًا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى اجْتِهَادِ النَّاظِرِ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمُتَصَدِّقُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ شَيْئًا أَوْ حَدَّ فِيهِ حَدًّا وَجَبَ أَنْ يُتَّبَعَ قَوْلُهُ فِي صَدَقَتِهِ وَلَا يُخَالَفَ فِيمَا حَدَّهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَلَفْظُهُ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ حَبَسَ حَائِطًا عَلَى الْمَسَاكِينِ إنْ لَمْ يَنُصَّ الْمَيِّتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَلِمُتَوَلِّي النَّظَرِ فِيهِ الِاجْتِهَادُ إنْ رَأَى بَيْعَ الثَّمَرَةِ وَقَسْمَ ذَلِكَ ثَمَنًا فَعَلَ وَإِنْ رَأَى خَيْرًا لِلْمَسَاكِينِ قِسْمَتَهُ ثَمَرًا فَعَلَ فَرُبَّ حَائِطٍ يَبْعُدُ عَنْ الْمَدِينَةِ فَيَضُرُّ بِهِمْ حَمْلُهُ وَرُبَّمَا كَانَتْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى الطَّعَامِ فَيَكُونُ قِسْمَتُهُ ثَمَرًا خَيْرًا لَهُمْ وَهَذِهِ صَدَقَاتُ عُمَرَ تُبَاعُ ثَمَرَتُهُ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى النَّظَرِ لِلْمَسَاكِينِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ عَنْ مَالِكٍ

[فَرْعٌ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى مَنَافِعِ الْجَامِعِ]

(الثَّانِي) قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَنْ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى مَنَافِعِ الْجَامِعِ صُرِفَ فِي الْعِمَارَةِ وَالْحُصُرِ وَالزَّيْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُعْطَى مِنْهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَفِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ جَامِعٍ مَسْجِدٌ وَلَا يَنْعَكِسُ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ مَنْ أَوْقَفَ عَلَى مَنَافِعِ مَسْجِدٍ وَقْفًا صُرِفَ فِي مَنَافِعِهِ مِنْ بِنَاءٍ وَحُصُرٍ وَبِنَاءِ مَا رَثَّ مِنْ الْجُدْرَانِ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ فَإِنْ صُرِفَ لِلْإِمَامِ شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ لَمَّا لَمْ يَنُصَّ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّحْبِيسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>