للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ الْحَبْسَ أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ وَلَزِمَ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ حَاجَتِهِ وَالْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحْبِسُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فَلَهُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إذَا لَمْ يَقُلْ يَصْدُقُ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْحَاجَةِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَاطِنٌ يَكْتُمُهُ وَلَا ظَاهِرٌ يَعْلَمُهُ فَحِينَئِذٍ يَبِيعُهُ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ شَرَطَ الْمُحْبِسُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ حَاجَةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فَيُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ الشَّرْطُ وَمَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ حَاجَةً وَلَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ انْطَلَقَ يَدُهُ عَلَى بَيْعِهِ انْتَهَى.

وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا الثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَأَصْلُهَا فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ. قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ دَارًا لَهُ حَبْسًا صَدَقَةً عَلَى وَلَدِهِ لَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى بَيْعِهَا فَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا وَاجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَاعُوا فَاقْتَسَمُوا ثَمَنَهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ فَهَلَكُوا جَمِيعًا إلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَرَادَ بَيْعَهَا إذْ ذَلِكَ لَهُ وَقَدْ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا. قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ إنَّ امْرَأَةً ثَمَّ وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ الْبَاقِي الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ الْمُحْبِسِ قَالَتْ إنْ بِعْت فَأَنَا آخُذُ مِيرَاثِي مِنْ أُمِّي. قَالَ لَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى بَيْعِهَا قَسَّمُوا ثَمَنَهَا عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءً لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ حَازُوهَا وَلَيْسَتْ تَرْجِعُ بِمَا يَرْجِعُ الْمَوَارِيثُ إلَى عَصَبَةِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى بَيْعِهَا يُرِيدُ أَوْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمْ إلَى بَيْعِ حَظِّهِ مِنْهَا - قَلَّ الْحَبْسُ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ أَوْ كَثُرَ لِقِلَّتِهِمْ - فَيَكُونُ لَهُمْ وَيَبْطُلُ الْحَبْسُ فِيهِ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ مَالًا مِنْ مَالِهِ وَكَذَلِكَ إنْ احْتَاجُوا كُلُّهُمْ فَبَاعُوا كَانَ الثَّمَنُ لَهُمْ مَالًا مِنْ مَالِهِمْ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ فِي الْحَبْسِ - قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا - فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ فَاحْتَاجَ فَلَهُ الثَّمَنُ كُلُّهُ وَبَطَلَ الْحَبْسُ فِي الْجَمِيعِ بِشَرْطِ الْمُحْبِسِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَاجَ سَقَطَ حَقُّهُ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا مَاتَ عَنْ حَبْسٍ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ إلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْحَبْسِ وَلَا يُورَثُ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ مُحْبِسٍ انْتَهَى.

[فَرَعٌ قَدَّمَ الْمُحْبِسُ رَجُلًا عَلَى الْحَوْزِ لِبَنِيهِ الصِّغَارِ وَجَعَلَ لَهُ الْبَيْعَ عَلَيْهِمْ إنْ احْتَاجُوا]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِذَا قَدَّمَ الْمُحْبِسُ رَجُلًا عَلَى الْحَوْزِ لِبَنِيهِ الصِّغَارِ وَجَعَلَ لَهُ الْبَيْعَ عَلَيْهِمْ إنْ احْتَاجُوا فَأَجَازَ ذَلِكَ أَحْمَدُ. ابْنُ بَقِيٍّ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْمُقَدَّمِ بَيْعُ الْحَبْسِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ الْقَاضِي الْعُذْرُ الَّذِي لَهُ يَبِيعُ وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ وَلَيْسَ الْوَكِيلُ كَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ حَبْسًا وَشَرَطَ لَهُمْ إنْ احْتَاجُوا بَاعُوا ذَلِكَ فَلَحِقَهُمْ دَيْنٌ]

(الثَّانِي) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ حَبْسًا وَشَرَطَ لَهُمْ إنْ احْتَاجُوا بَاعُوا ذَلِكَ فَلَحِقَهُمْ دَيْنٌ أَنَّ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ بَيْعَ الْحَبْسِ مِنْ أَجْلِ مَا شَرَطَهُ الْمُحْبِسُ لَهُمْ مِنْ الْبَيْعِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ انْتَهَى.

وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعُتْبِيَّة فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ بِدَارٍ عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ وَكَتَبَ لَهُمَا فِي كِتَابِ صَدَقَتِهِ إنْ شَاءَتَا بَاعَتَا وَإِنْ شَاءَتَا أَمْسَكَتَا فَرَهِقَ ابْنَتَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ دَايَنَتَا بِهِ النَّاسَ فَقَامَ عَلَيْهِمَا الْغُرَمَاءُ وَقَالُوا نَحْنُ نَبِيعُ الدَّارَ قَدْ كَتَبَ أَبُوكُمَا فِي صَدَقَتِهِ إنْ شِئْتُمَا بِعْتُمَا وَإِنْ شِئْتُمَا أَمْسَكْتُمَا قَالَ مَالِكٌ صَدَقُوا فِي ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا الدَّارَ حَتَّى يَسْتَوْفُوا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافُ قَوْلِهِ هَذَا إنَّهُ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَالِهِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرُونَ وَلَهُمْ أَمْوَالٌ إنَّهُ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُجْبِرُوهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ فَيَقْضِيَهَا إيَّاهُمْ وَلَا لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إلَّا أَنْ يَشَاءَ هُوَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

قَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَسْأَلَةَ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الدَّارِ حَاصِلَةٌ الْآنَ لِلدَّيَّانَةِ وَرَقَبَتَهَا كَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَقَدْ انْفَكَّ الْحَبْسُ عَنْهَا وَمَالُ الْعَبْدِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ بِدَلِيلِ شِرَائِهِ وَهُوَ يُضَافُ لِلْعَبْدِ لَا لِلسَّيِّدِ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِحَالِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُحْدِثَ فِيهِ السَّيِّدُ حَدَثًا يَدُلُّ عَلَى الِانْتِزَاعِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْأَصْلُ مَسْأَلَةَ النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ عَلَى تَأْوِيلٍ فِيهَا وَبَعْضَ مَسَائِلِ الْعِتْقِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاتَّبَعَ شَرْطَهُ حُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>