للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَخْرُجُ السَّاكِنُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ غَنِيًّا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الْمُسَاوَاةِ وَالتَّرْجِيحِ قَبْلَ السُّكْنَى فَحَثَّ عَلَى مَا إذَا سَكَنَ أَحَدُهُمْ لِمُوجَبِ الْفَقْرِ ثُمَّ اسْتَغْنَى فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ لَا يَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْفَقْرُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ عَوْدَتَهُ لَا تُؤْمَنُ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنْ يَخْرُجَ وَهَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فِي لَفْظِهِ وَلَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ إجْمَالٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعْقِبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَسَكَنَ بَعْضُهُمْ لِاتِّصَافِهِ بِالْفَقْرِ ثُمَّ اسْتَغْنَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَحَقَّ مَسْكَنًا مِنْ حَبْسٍ هُوَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِفَقْرِهِ أُخْرِجَ مِنْهُ إنْ اسْتَغْنَى وَفِي رَسْمِ أَدْرَكَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَحَقَّ مَسْكَنًا مِنْ حَبْسٍ هُوَ عَلَى الْعَقِبِ وَهُوَ غَنِيٌّ لِانْقِطَاعِ غَيْبَةِ الْمُحْتَاجِ ثُمَّ قَدِمَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ سَكَنَ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ وَرَوَى الْبَاجِيُّ لَوْ سَافَرَ مُسْتَحِقُّ السُّكْنَى لِبَعْضِ مَا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ كَانَ لَهُ كِرَاءُ مَسْكَنِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ وَلَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ رُدَّ لِمَنْزِلِهِ وَأُخْرِجَ مِنْهُ مَنْ دَخَلَ فِيهِ انْتَهَى مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْحَبْسِ مِنْهُ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ سَكَنَ فَلَا يَخْرُجُ لِغَيْرِهِ مَا نَصُّهُ إلَّا أَنْ يَرَى النَّاظِرُ إخْرَاجَهُ وَإِسْكَانَ غَيْرِهِ مَصْلَحَةً لِلْحَبْسِ فَلَهُ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا إنْ خَافَ مِنْ سُكْنَاهُ ضَرَرًا وَلِمِثْلِ هَذَا جَعْلُ النَّاظِرِ انْتَهَى مِنْ الشَّيْخِ زَرُّوقٍ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْهِبَة]

(الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْهِبَةُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَطِيَّةِ وَهِيَ أَيْ الْعَطِيَّةُ تَمْلِيكُ مُتَمَوَّلٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاءً فَيَخْرُجُ الْإِنْكَاحُ وَالْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثٍ إرْثَهُ وَتَدْخُلُ الْعَارِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالْعُمْرَى وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ ثُمَّ، قَالَ: وَالْهِبَةُ لَا لِثَوَابِ تَمْلِيكِ ذِي مَنْفَعَةٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ بَدَلٌ لِوَجْهِ الْمُعْطَيْ وَفِي الْهِبَةِ لِكَوْنِهَا كَذَلِكَ مَعَ إرَادَةِ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ صَدَقَةٌ أَوْ لَا. قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَمُطَرَّفٍ حَسْبَمَا يَأْتِي ذَكَرَهُ فِي الِاعْتِصَارِ وَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ وَالْبَيْعُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ يُرِيدُ: وَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِوَجْهِ الْمُعْطَى فَقَطْ أَوْ لِذَلِكَ مَعَ قَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَهِيَ الصَّدَقَةُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ (فَائِدَةٌ) وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ» سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ فَأَجَابَ: بِأَنِّي لَسْت أَجِدُهُ فِي نَصٍّ مِنْ الْمُصَنَّفَاتِ الصَّحِيحَةِ وَلَوْ صَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>