للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ بِهِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا فِيمَا عَدَا مَسَائِلِ الْخِصَامِ وَهَلْ لَهُ الْفُتْيَا فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَنْ إعَانَةِ الْخُصُومِ عَلَى الْفُجُورِ، وَالثَّانِي إجَازَةُ فُتْيَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقَاضِي الْعِلْمَ وَتَعْلِيمُهُ لَهُ فَجَائِزٌ، انْتَهَى. فَقُوَّةُ عِبَارَتِهِ تُعْطِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ، وَعَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لَهُ فِي سِيرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَفِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَا نَصَّهُ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي الْفَتْوَى فِي الْأَحْكَامِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ أَنَا أَقْضِي وَلَا أُفْتِي (قُلْتُ) يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْفَتْوَى مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ تُعْرَضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ جَاءَتْهُ مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْكَوْرِ أَوْ عَلَى يَدِ عُمَّالِهِ فَلْيُجِبْهُمْ عَنْهَا ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ الْمُنَاصِفِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: الْكَلَامُ الْأَوَّلُ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ فَتْوَى الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَالثَّانِي فَتْوَاهُ فِي جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ لَا فِي خُصُومَةٍ بِعَيْنِهَا، انْتَهَى.

ص (وَلَمْ يَشْتَرِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ)

ش: مَفْهُومٌ، وَقَوْلُهُ: مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُنْهَى عَنْهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَهُوَ الَّذِي حَصَّلَهُ فِي التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَشْتَرِ هَلْ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلٍ مَعْرُوفٍ ظَاهِرُهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَغَيْرِهِ وَنَحْوُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَمَعْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا تَبْعُدُ صِحَّتُهُ إلَّا أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا عَنْ الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ ابْتِدَاءً وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِثْلَ مَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، انْتَهَى. أَيْ: لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ نَقَلَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلْقَاضِي الشِّرَاءَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَلَمْ يُجَوِّزُوا لَهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ بَالِهِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِالْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ لِنَفْسِهِ. أَشْهَبُ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَايَةِ مِنْهُ إلَّا مَا خَفَّ شَأْنُهُ وَقَلَّ شُغْلُهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ سَحْنُونٌ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَنَافِذٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْرَهَ غَيْرَهُ أَوْ هَضَمَهُ فَلَيْسَ هَذَا بِعَدْلٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ وَغَيْرِهَا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَيَتَنَزَّهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَتَوَرَّعُ عَنْ الْعَارِيَّةِ إلَى آخِرِهِ قَدْ يُقَالُ تَغْيِيرُ الْمُؤَلِّفِ الْعِبَارَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي فَوْقَهَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْأُولَى أَشَدُّ مِنْهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِي الْأُولَى وَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ فَيُقَالُ الْعَكْسُ أَوْلَى فَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُؤْذِنُ بِالْمَنْعِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَنْعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَرُّعِ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ وَالِابْتِيَاعُ بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ وَبِدَارِهِ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ أَوْ فِيهِ نَقِيصَةٌ عَلَى الْبَائِعِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَالِابْتِيَاعُ كَانَ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ أَشْهَبُ: إنْ عُزِلَ وَالْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ مُقِيمٌ بِالْبَلَدِ لَا يُخَاصِمُهُ وَلَا يَذْكُرُ مُخَاصَمَتَهُ لِأَحَدٍ فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَالْبَيْعُ مَاضٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَعَ وَكِيلِهِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ مَا يَفْعَلُ مَعَهُ، انْتَهَى. فَصَرَّحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْكَرَاهَةِ وَأَنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ مَعَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُرَدَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَسَلَفٍ وَقِرَاضٍ وَإِبْضَاعٍ وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ إلَّا لِنِكَاحٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَرُّعِ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>