للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِسَابٍ لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةُ أَنَّهُمَا تَحَاسَبَا وَبَقِيَتْ لَهُ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِقَدْرِهَا فَدَعْوَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَسْمُوعَةٌ،.

وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى حَقًّا لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ فَهِيَ دَعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَسَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ النَّاقِصَةِ، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ أَمَّا إلَى آخِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا يُسْمَعُ بِلَا خِلَافٍ فَهُوَ مَخْصُوصٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ مَعْلُومٌ وَقَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ تَوْجِيهَ يَمِينِ التُّهْمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْتُ) وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ فَإِنْ جَهِلَاهُ جَمِيعًا جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ عَرَفَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ مِنْهَا فَلْيُسَمِّهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ لِلْقَائِمِ فِي الدَّارِ الْمُقَوَّمِ فِيهَا بِحِصَّةٍ لَا يَعْرِفُونَ مَبْلَغَهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَقِرَّ بِمَا شِئْت مِنْهَا وَاحْلِفْ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ سَمِّ مَا شِئْت مِنْهَا وَاحْلِفْ عَلَيْهِ وَخُذْهُ فَإِنْ أَبَى أُخْرِجَتْ الدَّارُ مِنْ الْمَطْلُوبِ وَوُقِفَتْ حَتَّى يُقِرَّ بِشَيْءِ، قَالَ مُطَرِّفٌ: وَقَدْ كُنَّا نَقُولُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ الْحِصَّةَ فَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ شَيْءٌ حَتَّى، قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ فَرَجَعْنَا إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّتْ الْأَحْكَامُ بِهِ، انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ]

(مَسْأَلَةٌ) لَيْسَ مِنْ تَمَامِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ وَاضِحٌ وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِيمَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ كَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ هِبَةً وَقُلْنَا الْهِبَةُ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَإِنْ قُلْت بِقَوْلِ الْمُخَالِفِ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ عِنْدَنَا أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الْجَوَابَ فِيهِ لَا يَلْزَمُ، وَكَذَلِكَ الْعِدَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ وَذَكَرَ شُرُوطًا أُخْرَى، فَانْظُرْهَا فِيهِ وَانْظُرْ أَيْضًا الْبَابَ الثَّامِنَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي فِي الْقَضَاءِ بِالِاتِّهَامِ وَأَيْمَانِ التُّهَمِ، قَالَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الِاتِّهَامِ وَلَمْ يُحَقِّقْ الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ بَعْدَ إثْبَاتِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهُ.

[فَرْعٌ الدَّعْوَى فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: فَصْلٌ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى، وَالْمُدَّعَى بِهِ أَنْوَاعٌ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصْحِيحُ الدَّعْوَى أَنْ يُبَيِّنَ مَا يَدَّعِي بِهِ وَيَذْكُرَ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي الْمَطْلُوبَ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ الْعَدَاءِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى أَنْ يَسْأَلَ الْحَاكِمُ النَّظَرَ بَيْنَهُمَا بِمَا يُوجِبُ الشَّرْعَ، انْتَهَى. قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ أَنْ يَقُولَ ضَاعَ مِنِّي أَوْ سُرِقَ مِنِّي وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا وَصَلَ إلَى هَذَا الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: فَصْلُ وَإِنْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَقَالَ: ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَقَالَ: أَبَقَ مِنِّي فَإِنْ كَانَا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ كُلِّفَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا طَارِئًا لَمْ يُحَلِّفْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَأَنَّهُ إنْ ادَّعَى الطَّارِئُ عَلَى الْمُقِيمِ، قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ لَا تَدَّعِي عَلَيَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ؛ لِأَنِّي لَسْت مِنْ بَلَدِك وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا، وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى الْمُقِيمُ عَبْدًا أَتَى بِهِ الطَّارِئُ لَمْ يُحَلِّفْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ هَلْ هُوَ مِلْكُهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّهُ عَبْدُهُ حَلَفَ مَعَهُ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَرُدَّ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَلَا يَحْلِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>