للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا حُجَجًا لَا يَنْتَقِلَانِ مِنْهَا وَلَا بَأْسَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَذَكَرَ قَوْلَهُ وَتَضْفِيزُهُمَا بِلَفْظٍ وَلَا يُضَفِّزُهُمْ حُجَجًا لَا يَنْتَقِلَانِ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَلَا يُصَفِّرُهُمَا بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُضَارِعُ صَفَّرَ وَفِي بَعْضِهَا يَصْرِفُهَا بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْفَاءِ مِنْ الصَّرْفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْكَلِمَةُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ فَاءٍ ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ مُضَارِعُ ضَفَزَ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ الزَّايِ: الضَّفْزُ لَقْمُ الْبَعِيرِ أَوْ مَعَ كَرَاهَتِهِ ذَلِكَ وَالدَّفْعُ وَالْجِمَاعُ وَالْعَدَدُ وَالْوَثْبُ وَالْعَقْدُ وَالضَّرْبُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَإِدْخَالُ اللِّجَامِ فِي الْفَرَسِ وَالضَّفِيزُ الْغَلِيظُ وَمِنْهَا اللُّقْمَةُ الْغَلِيظَةُ وَأَضْفَزَهُ الْتَقَمَهُ كَارِهًا انْتَهَى. وَفِي الْمُحْكَمِ الضَّفْزُ وَالضَّفِيزُ شَعِيرٌ يُحَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ وَيُعْلِفُهُ الْبَعِيرُ وَقَدْ ضَفَزْت الْبَعِيرَ أَضْفُزُهُ فَاضْطَفَزَ وَقِيلَ الضَّفْزُ أَنْ تُلْقِمَهُ لُقَمًا كِبَارًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى اللَّقْمِ وَضَفَزْت الْفَرَسَ اللِّجَامَ إذَا أَدْخَلْته فِي فِيهِ وَضَفَزَهُ بِيَدِهِ وَرِجْلِهِ ضَرَبَهُ وَضَفَزَهَا أَكْثَرَ لَهَا مِنْ الْجِمَاعِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، انْتَهَى. وَالْمَعْنَى لَا يُدْخِلُهَا عَلَيْهِمْ أَوْ لَا يُلْزِمُهُمْ إيَّاهَا حُجَجًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَإِذَا تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْحُجَجَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجَّتَهُ وَكَتَبَهَا وَقَيَّدَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ أَنْكَرَ، قَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ)

ش: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ فَإِنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ خَطَأً، قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي آخِرِ كِتَابِ حَرِيمِ الْبِئْرِ: وَاسْتَحْسَنَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ الْبَيِّنَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَقَالَةِ وَعَلَى ذَلِكَ بُنِيَتْ الْأَحْكَامُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى فَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَلَكِنَّهُ إنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ انْعِقَادِ الْمَقَالَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْخَطَإِ الَّذِي يُوجِبُ نَقْضَ الْحُكْمِ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَيْ: الْمَفْقُودَ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَسْنَدَ إلَيْهِ الْوَصِيَّةَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا قَضَى بِمَوْتِهِ بِحَقِيقَةٍ أَوْ بِتَعْمِيرٍ جَعَلْت الْوَصِيَّ وَصِيًّا وَأَعْطَيْت الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَحَمْلُهَا الثُّلُثُ وَلَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوْجُهَا قَضَيْت لَهَا كَقَضِيَّتِي عَلَى الْغَائِبِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ بَيِّنَةِ الْخَصْمِ وَيُوقِعَ شَهَادَتَهُمْ حَضَرَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمُ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ وَفِيهَا أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَمَسَاكِنُهُمْ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي شَهَادَتِهِمْ مِدْفَعٌ أَوْ فِي عَدَالَتِهِمْ مُجَرَّحٌ كَلَّفَهُ إثْبَاتَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُعِيدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَشْهَدُوا بِمَحْضَرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ: لَا يَكُونُ إيقَاعُ الشُّهُودِ إلَّا بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ مِثْلَهُ وَقَالَ فَضْلٌ وَسَحْنُونٌ مِثْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، قَالَ عِيسَى: وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى وَكَالَةً وَلَمْ يُثْبِتْهَا بَعْدُ وَشُهُودُ الْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ حُضُورٌ أَيَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ، قَالَ: إنْ خَافَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى مَوْضِعٍ وَكَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ يُثْبِتُ الْوَكَالَةَ بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ مِنْ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ وَقْتِ دُخُولِ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْهَا: أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَفْقُودِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>