للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِدَارِ وَقَالَ فِي الْوَاضِحَةِ: إنَّ ذَلِكَ فِي الْأَبِ أَبْيَنُ مِنْهُ فِي الِابْنُ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِمَنْ سِوَى الْأَبِ وَالِابْنِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْعَشِيرَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الرَّسْمِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَفِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى، غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ إيقَاعِ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ لَا أَكْثَرَ، وَلَيْسَ مَا فِي رَسْمِ الْكَبْشِ بِمُخَالِفٍ لِمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَقَدْ حَمَلَهَا بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَيْسَ ذَاكَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ (الْأَوَّلُ) مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَمَا فِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْقَرَابَةِ وَالْأَجْنبِيِّينَ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ يُمَكَّنُ مَنْ قَامَ عَنْ غَائِبٍ يَطْلُبُ حَقًّا لَهُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ دُونَ تَوْكِيلٍ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا ذَهَبَ إلَى هَذَا سَحْنُونٌ وَإِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَكِّلُ مَنْ يَقُومُ بِحَقِّهِ، تَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ أَحَدٌ إلَّا بِوَكَالَةٍ، فَقَالَ مَعْنَاهُ فِيمَا طَالَ مِنْ الزَّمَانِ وَدُرِسَ فِيهِ الْعِلْمُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَصْبَغَ (وَالثَّالِثُ) يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُصُومَةِ (وَالرَّابِعُ) أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ وَمُطَرِّفٍ.

وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْقَرِيبَ وَالْأَجْنَبِيَّ يُمَكَّنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ دُونَ تَوْكِيلٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَفُوتُ وَتَحُولُ وَتَغِيبُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ إلَّا الْأَبُ وَالِابْنُ حَكَى هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ قَوْلٌ خَامِسٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاخْتُلِفَ إذَا مُكِّنَ الْقَائِمُ عَنْ الْغَائِبِ فِي الْمُخَاصَمَةِ عَنْهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ لَهُ دُونَ تَوْكِيلٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ فِي قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَبَعِيدِهَا سَوَاءٌ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ هَذِهِ إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ مِنْ بَعِيدِهَا، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْحَيَوَانِ يَدَّعِيهِ ابْنُ الْغَائِبِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ دُونَ الْبَعِيدِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ سَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا حَكَى عَنْ مُطَرِّفٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ اسْتَدَلَّ بِهَا لِهَذَا الْقَوْلِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لِلْمُدَّعِي حِصَّةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَبَاقِيهِ لِلْغَائِبِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي حِصَّةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَبَاقِيهِ لِلْغَائِبِ فَلَهُ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ وَيُتْرَكُ الْبَاقِيَ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَدَّعِيهِ، قَالَ فِي أَوَاخِرِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا وَارِثُ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ مَعَ وَرَثَةٍ آخَرِينَ لَمْ يُعْطَ هَذَا مِنْهَا إلَّا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ وَيَتْرُكُ الْقَاضِي بَاقِيَهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا يَعْنِي بِالْمَقُولِ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ بَعْدَهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْمَطْلُوبِ وَيُوقَفُ وَفِي كِتَابِ الْوَلَاءِ أَتَمُّ مِمَّا هُنَا، قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَامَتْ غُرَمَاءُ بِدَيْنٍ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يُبَاعَ لَهُمْ الْحَظُّ الْمَوْقُوفُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا وَبَيْعُهَا فِي دَيْنِهِمْ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِهِمْ الَّتِي كَانَ يَحْلِفُهَا الْغَائِبُ اُنْظُرْ تَمَامَهَا، انْتَهَى. وَانْظُرْ التَّبْصِرَةَ لِابْنِ فَرْحُونٍ فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى لَهُمْ

(الثَّانِي) إذَا ثَبَتَ حَقٌّ لِغَائِبٍ فَهَلْ يُوقَفُ حَتَّى يَحْلِفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ يُسَلَّمَ لِوَكِيلِهِ وَتُؤَخَّرَ الْيَمِينُ حَتَّى يَقْدَمَ فَيَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ فَتَحْلِفَ وَرَثَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ أَوْ نَكَلُوا رَجَعَ عَلَيْهِ، ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قَالَ: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ (الثَّالِثُ) إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ غَائِبٌ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ مِنْ نَوَازِلِهِ فِي رَجُلٍ غَائِبٍ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْقِيَامِ بِعَيْبٍ فِي سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ بَاعَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَإِنَّمَا بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَلَزِمَهُ الْيَمِينُ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْغَائِبِ، الْجَوَابُ الَّذِي أَرَى فِي هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُقَوَّمَ عَلَيْهِ مَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ مِنْهُ أَوْ سَمَّى رَجُلًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ لَدَدُهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>