للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجْنَبِيَّيْنِ الشُّرَكَاءِ وَتَلِيهَا حِيَازَةُ الْأَجَانِبِ فِيمَا لَا شِرْكَ بَيْنَهُمْ فِيهِ وَهِيَ أَقْوَاهَا. وَالْحِيَازَةُ تَكُونُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَضْعَفُهَا وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ وَيَلِيهَا الْهَدْمُ وَالْبُنْيَانُ وَالْغَرْسُ وَالِاسْتِغْلَالُ وَيَلِيهَا التَّفْوِيتُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّحْلَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ إلَّا فِي مَالِهِ وَالِاسْتِخْدَامُ فِي الرَّقِيقِ وَالرُّكُوبُ فِي الدَّابَّةِ كَالسُّكْنَى فِيمَا يُسْكَنُ وَالِازْدِرَاعُ فِيمَا يُزْرَعُ وَالِاسْتِغْلَالُ فِي ذَلِكَ كَالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ فِي الدُّورِ وَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِينَ انْتَهَى.

فَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْقِسْمِ السَّادِسِ وَهِيَ حِيَازَةُ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَقَالَ: وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي حُكْمُهُ وَبِقَوْلِهِ غَيْرُ شَرِيكٍ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي أَيْضًا حُكْمُهُ وَمَفْعُولُ قَوْلِهِ حَازَ مَحْذُوفٌ أَيْ حَازَ عَقَارًا مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقَارِ فَلَا يَفْتَقِرُ فِي الْحِيَازَةِ إلَى عَشَرَةِ أَعْوَامٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَقَوْلُهُ وَتَصَرَّفَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحِيَازَةِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِزُ يَتَصَرَّفُ فِي الْعَقَارِ الْمَحُوزِ وَأَطْلَقَ التَّصَرُّفَ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ حِيَازَةَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ يَكْفِي فِيهَا مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ السُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ أَنْوَاعِ الْحِيَازَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ يَعْنِي بَيْنَ الْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ تَكُونُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بُنْيَانٌ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ حِيَازَةً إلَّا مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَكُونُ حِيَازَةً مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْحِيَازَةِ مَانِعَةٌ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا أَوْ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَائِبًا فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً كَالسَّبْعَةِ الْأَيَّامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَالتَّوْكِيلِ مِنْ عَجْزٍ وَنَحْوِهِ فَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَضْعُفُ عَنْ الْقُدُومِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا مَنْ لَا يَتَبَيَّنُ عُذْرُهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عُذْرُهُ انْتَهَى. وَانْظُرْ رَسْمَ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَوْلُهُ سَاكِتٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي الْحِيَازَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي سَاكِتًا فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَكَلَّمَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ فَإِنَّ حَقَّهُ لَا يَبْطُلُ. وَقَوْلُهُ بِلَا مَانِعٍ يَعْنِي أَنَّ سُكُوتَ الْمُدَّعِي فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُبْطِلُ حَقَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَلَامِ فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَلَامِ فَإِنَّ حَقَّهُ لَا يَبْطُلُ وَفَسَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَانِعَ بِالْخَوْفِ وَالْقَرَابَةِ وَالصِّهْرِ وَقَدْ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالصِّهْرِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَجْنَبِيٌّ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمَانِعِ فِي كَلَامِهِ الْخَوْفَ أَيْ خَوْفَ الْمُدَّعِي مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ الْعَقَارُ لِكَوْنِهِ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ مُسْتَنِدًا لِذِي سُلْطَانٍ فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْحَائِزِ عَلَى الْمُدَّعِي دَيْنٌ وَيَخَافُ إنْ نَازَعَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ وَلَا يَجِدُ مِنْ أَيْنَ يُعْطِيه انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ وَيَدْخُلُ فِي الْمَانِعِ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّ سُكُوتَهُ لَا يَقْطَعُ دَعْوَاهُ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالسِّتِّينَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَلَا يَقْطَعُ قِيَامُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُعَنِّسَةِ وَلَا قِيَامُ الصَّغِيرِ وَلَا قِيَامُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ الِاعْتِمَارَ الْمَذْكُورَ بِحَضْرَتِهِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَمْلِكَ نَفْسَهُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَتُعَنِّسُ الْجَارِيَةُ وَتُحَازُ عَنْهُمْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَهُمْ عَالِمُونَ بِحُقُوقِهِمْ لَا يَتَعَرَّضُونَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ انْتَهَى.

وَيَدْخُلُ فِي الْمَانِعِ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي بِالْحِيَازَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ حَازَ دَارًا عَلَى حَاضِرٍ عَشْرَ سِنِينَ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَصَاحِبُهَا حَاضِرٌ عَالِمٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>