للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهَادَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْحِيَازَةِ وَفِي الرِّسَالَةِ وَصَاحِبُهَا حَاضِرٌ عَالِمٌ. الشَّيْخُ أَيْ عَالِمٌ بِالْمَعْلُومِينَ بِتَصَرُّفِ الْحَائِزِ وَبِأَنَّهَا مِلْكُهُ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَإِذَا كَانَ وَارِثًا وَيَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَيَحْلِفُ وَيُقْضَى لَهُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ الطِّخِّيخِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ بِلَفْظِ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْعِلْمِ بِشَيْئَيْنِ وَهُمَا الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا يُفِيدُ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخِرِ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ بِالتَّصَرُّفِ قَدْ يُقَالُ مَا عَلِمْت أَنَّهُ مِلْكِي كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ الْآنَ وَجَدْت الْوَثِيقَةَ عِنْدَ فُلَانٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ وَالْعِلْمُ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ قَالَهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ انْتَهَى

[فَرْعٌ قَالَ عَلِمْت الْمِلْكَ وَلَمْ أَجِدْ مَا أَقُومُ بِهِ وَوَجَدْته الْآنَ هَلْ يُعْذَرُ أَمْ لَا]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَانْظُرْ إذَا قَالَ عَلِمْت الْمِلْكَ وَلَمْ أَجِدْ مَا أَقُومُ بِهِ وَوَجَدْته الْآنَ هَلْ يُعْذَرُ أَمْ لَا (قُلْت) اخْتَارَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَذَلِكَ عُذْرٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي وَجَدَ بَيِّنَةَ اسْتِرْعَاءٍ أَمْ لَا وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ وَالْمُعْتَرِفُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ مُدَّعٍ رَفْعَهُ انْتَهَى. زَادَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ وَقَعَتْ بِالْقَيْرَوَانِ بَعْدَ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ فَكُتِبَ فِيهَا لِشَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ فَأَفْتَى بِمَا صَوَّبْت انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ لَا يَدَّعِي شَيْئًا هَذَا إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ مِنْ الْقِيَامِ وَأَمَّا إنْ خَافَ سَطْوَةَ الْحَائِزِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى قِيَامِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَغِيبَ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ مَا سَكَتَ إلَّا لِانْتِظَارِ بَيِّنَتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَالدَّعْوَةُ الَّتِي تَنْفَعُهُ إذَا كَانَ يُخَاصِمُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُ اهـ وَنَحْوُهُ لِلْجُزُولِيِّ وَنَصَّهُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا مِلْكِي وَلَكِنْ مَنَعَنِي مِنْ الْقِيَامِ عَدَمُ الْبَيِّنَةُ وَالْآنَ وَجَدْت الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى بِهَا لِلْحَائِزِ بَعْدَ يَمِينِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ قَالَ عَلِمْت بِأَنَّهَا مِلْكِي وَلَمْ أَعْلَمْ بِالْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُكَذِّبُهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ مَنَعَنِي مِنْ الْقِيَامِ عَدَمُ الْبَيِّنَةِ وَالْآنَ وَجَدْتهمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَلَا قِيَامَ لَهُ انْتَهَى. وَفِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْحِيَازَةِ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَصَاحِبُهَا حَاضِرٌ عَالَمٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْحَاضِرَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمِلْكِيَّةِ حَتَّى يُثْبِتَ وَعَزَاهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ لِابْنِ سَهْلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ

وَقِيلَ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَقِيلَ بِالْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَارِثًا وَبِالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ قَالَهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَبِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا هَكَذَا كَانَ يَتَقَدَّمُ لَنَا أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الَّذِي فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إنَّمَا هُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى فَرْعٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ الْجَهْلَ بِمِلْكِيَّةِ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَانْظُرْ إذَا قَالَ عَلِمْت الْمَالِكَ إلَى آخِر الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُشِيرُ بِالْفَرْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ فِي كَلَامِهَا الْمُتَقَدِّمِ.

وَقَوْلُهُ عَشْرُ سِنِينَ يَعْنِي أَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ الَّذِي تُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَشْرُ سِنِينَ وَهَذَا التَّحْدِيدُ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ رَبِيعَةَ وَنَصَّهُ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبْعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَقَالَ رَبِيعَةُ حَوْزُ عَشْرِ سِنِينَ بِقَطْعِ دَعْوَى الْحَاضِرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَى أَوْ أَسْكَنَ أَوْ أَخْدَمَ أَوْ أَعَارَ وَنَحْوُهُ وَلَا حِيَازَةَ عَلَى غَائِبٍ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَبِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدُ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَدَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ السَّبْعَ وَالثَّمَانِ وَمَا قَارَبَ الْعَشَرَةَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُحَدَّدُ بِسِنِينَ مُقَدَّرَةٍ بَلْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَهَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ فَقَالَ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>