للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَشْهَبَ فِي الدِّيَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا قَتْلُ الذِّمِّيِّ أَوْ يَعْفُو وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ هُنَا أَنْ يُلْزِمَ الْحُرَّ الْقِيمَةَ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا أَوْ قَتَلَهُ أَنَّ سَيِّدَ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَقْتُولِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْتَقِيدَ أَوْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ كَمَا سَيَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الذِّمِّيُّ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَانَ أَحْسَنَ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ جَعَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ إذَا قَتَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مُخَيَّرٌ فِي افْتِكَاكِهِ بِالدِّيَةِ أَوْ إسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِأَوْلِيَائِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ بِدِيَةِ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ وَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ جَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ يُدْفَعُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ فَضُلَ فَضْلٌ فَلِسَيِّدِهِ أَصْبَغُ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ.

ص (وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ)

ش: ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عَلَى قَتْلِ الْيَهُودِيِّ بِالْمَجُوسِيِّ وَنَقْصُ الدِّيَةِ لَغْوٌ كَالرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ انْتَهَى.

ص (كَذَوِي الرِّقِّ)

ش: قَالَ فِي كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ وَالْقِصَاصُ بَيْنَ الْمُلَّاكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ فِي الْأَحْرَارِ بِنَفْسِ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحِهَا كَجُرْحِهِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ الْجَانِي سَيِّدُهُ وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا عَمْدًا. فَقَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ: لَا أَقْتَصُّ وَلَكِنْ آخُذُ الْعَبْدَ الْجَارِحَ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ. وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ: إمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَدَعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَاتِلِ قَدْ وَجَبَتْ لِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ أَوْ أَحْيَاهُ فَإِنْ أَحْيَاهُ صَارَ عَمْدُهُ كَالْخَطَإِ فَيَرْجِعُ الْخِيَارُ إلَى سَيِّدِهِ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْحُرِّ يَقْتُلُ حُرًّا فَيُعْفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ تُمْلَكُ فَلَمَّا جَازَ قَتْلُهُ وَإِتْلَافُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْحُرُّ لَا يُمْلَكُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ إلَّا بِطَوْعِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ أُؤَدِّي قِصَاصِي وَأُبْقِي مَالِي لِوَرَثَتِي وَالْعَبْدُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَيْهِ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ فَلَا حُجَّةَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ رَفَعُوا عَنْهُ الْقَوَدَ فَصَارَ فِعْلُهُ كَالْخَطَأِ وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ لِأَنَّهُ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَأَمْرُهُمَا مُفْتَرِقٌ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ السَّيِّدُ عَبْدًا وَقَتَلَ عَبْدَهُ فَفِي الْقِصَاصِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ سَلْمُونٍ ثُمَّ قَالَ وَفِي الزَّاهِي لِابْنِ شَعْبَانَ وَمَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا انْتَهَى.

ص (وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ)

ش: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ قَتَلَ حُرًّا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ مُعَاوَدَةُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالَمًا أَنَّهُ عَفَا إنْ قَتَلَ الْعَبْدَ يَبْطُلُ فَلَا قَتْلَ لَهُ انْتَهَى. وَقَبْلُهُ بِيَسِيرٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. قَالَ ابْنُ زِيَادٍ إذَا أَقَرَّ طَائِعًا غَيْرَ مُسْتَرْهَبٍ وَمَا آلَ إلَى غُرْمٍ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى فِعْلِهِ مِثْلُ إقْرَارِهِ بِغَصْبِ أَمَةٍ أَوْ حُرَّةٍ نَفْسِهَا وَلَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ بِجُرْحٍ أَوْ بِقَتْلٍ أَوْ خَطَإٍ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ أَوْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَلَا يَصَدَّقُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ انْتَهَى. وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>