للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ خِلَافٌ بَيْنَ إسْلَامِ الْعَبْدِ وَإِسْلَامِ السَّيِّدِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُبِنْ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى. وَقَدْ حَصَّلَ اللَّخْمِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ عَنْ عِتْقِهِ وَاسْتَرَقَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ الْعِتْقُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ حَازَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَ نَفْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْعِتْقِ، فَقَوْلَانِ وَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِمَا عَقَدَ وَإِسْلَامُ الْعَبْدِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَقْدَ انْتَهَى.

وَقَدْ عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ: " وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ دَبَّرَهُ " أَنَّ الْجَارِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ وَحْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ، ثُمَّ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ أَنْ رَجَعَ فِي الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ حَازَ نَفْسَهُ لَزِمَهُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ وَقَبْلَ أَنْ يَحُوزَ نَفْسَهُ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، ثُمَّ حَنِثَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَسَوَاءٌ حَنِثَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكُفْرِ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ إنْفَاذِ الْعِتْقِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَوْ حَوَّزَهُ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ انْتَهَى. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَقَدْ صَحَّ فَيَخْرُجُ الْكَافِرُ بِقَوْلِهِ: " مُكَلَّفٍ " وَيَكُونُ مُرَادُهُ إنَّمَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: " إنَّمَا يَصِحُّ " مُطْلَقَ الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ غَالِبَ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ صَحِيحٌ وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ الْغَيْرِ كَعِتْقِ الْمَرِيضِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ: بِلَا حَجْرٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ " مُكَلَّفٍ "، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَلَامُ الْجَوَاهِرِ نَحْوُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَالَ: الْمُعْتِقُ كُلُّ مُكَلَّفٍ بِلَا حَجْرٍ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ شَارِحَاهُ وَلَهُ أَرْكَانٌ الْأَوَّلُ: الْمُعْتِقُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَقَ جُزْءٌ مِنْ الْمُعْتِقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ، وَأَرْكَانُهُ الْحِسِّيَّةُ الْمُتَوَقِّفُ وُجُودُهُ حِسًّا عَلَيْهَا كَاللَّحْمِ وَالْعَظْمِ وَالدَّمِ لِلْإِنْسَانِ لَا أَرْكَانُهُ الْمَحْمُولَةُ عَلَيْهَا كَالْحَيَوَانِ وَالنَّاطِقِ لِلْإِنْسَانِ انْتَهَى. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا إلَّا الْأَرْكَانَ الْحِسِّيَّةَ الْمُتَوَقِّفَ وُجُودُهُ عَلَيْهَا حِسًّا وَانْظُرْ لِمَ أَخَّرَ الِاعْتِرَاضَ إلَى هُنَا وَهَلَّا أَوْرَدَهُ مِنْ أَوَّلِ الذَّكَاةِ وَالصَّيْدِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ)

ش: أَيْ وَلِغَرِيمِ الْمَدِينِ رَدُّ عِتْقِهِ إنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهٍ، وَإِنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>