للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَشْهَبُ وَمِنْ هَذِهِ الدَّوَاوِينِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا إذَا دَفَعَ إلَى أَمِينٍ وَلَا يَضْمَنُ، قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَهُ أَنْ يُبْضِعَ لَهُمْ وَيَبْعَثَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَلَهُ أَنْ يُودِعَ مَالَهُمْ وَيُسَلِّفَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُسَلِّفُهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَمَّا عَلَى الْمَعْرُوفِ فَلَا انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لِلْوَصِيِّ دَفْعُ مَالِهِ قِرَاضًا وَبِضَاعَةً، وَمِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: " وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً " وَمِنْ قَوْلِ النَّوَادِرِ: وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ التِّجَارَةُ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحْسَنُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فِعْلُ مَا يُنَمِّيهِ أَوْ يَنْفَعُهُ، اللَّخْمِيُّ وَحَسَنٌ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي بَابِ الْوَصَايَا وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَقَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى حَرَامٌ يُضَمِّنُونَهَا أَقْوَامًا يَكُونُ لَهُمْ رِبْحُهَا، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهَا، وَالسُّنَّةُ فِيهَا إنْ كَانَ لَهُمْ وَصِيٌّ ثِقَةٌ لَمْ تُحَرَّكْ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ اسْتَوْدَعَهَا الْقَاضِي عِنْدَ ثِقَةٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْوَجْهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهَا تَطَوُّعًا لِلثَّوَابِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُودِعَتْ عِنْدَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا الْمُودَعُ فَتَسَلَّفَهَا ضَمِنَهَا وَسَقَطَ عَنْ الْيَتَامَى زَكَاتُهَا، وَلَمْ يَحِلَّ أَنْ يَضْمَنَ لِأَحَدٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ رِبْحُهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ لَمْ يَبْتَغِ بِهِ الْمُقْرِضُ إلَّا مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ لَا مَنْفَعَةَ الْمُقْتَرِضِ اهـ. مُخْتَصَرًا، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ يُقْرِضُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى لِمَنْ يَضْمَنُهَا، وَأَعْظَمُ كَرَاهِيَةً، فَالْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي الْعُتْبِيَّة وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا وَأَمَّا الْعَمَلُ بِهِ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ فِيهِ رِبْحٌ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَهُ ذَلِكَ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ مَالَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ بِزِيَادَةٍ فِيهِ، وَلَفْظُهُ: " وَلَا يُسَلِّفُ مَالَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرَ التَّجْرِ لَهُ وَيُسَلِّفُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِمَّا يَصْلُحُ وَجْهُهُ مَعَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ بِلَفْظِهِ وَأَمَّا إسْلَافُ الْمُوصَى مَالَهُ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَرْكَبَ لَهُ دَابَّةً، وَلَا يَتَسَلَّفَ مَالَهُ وَقَالَهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَمَنْ مَاتَ فِي سَفَرٍ وَأَوْصَى رَجُلًا فَلَا يَتَسَلَّفُ الْوَصِيُّ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَتَاعِهِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ مَالٍ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ، وَأَجَازَ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فَقَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ فَأَرْجُو إذَا أَشْهَدَ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ زَكَاةِ مَالِ الْمَفْقُودِ وَالصَّبِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ اسْتَنْفَقَ مَالَ يَتِيمِهِ وَلَهُ بِهِ مُلَاءٌ وَخَافَ أَنْ يَعْذِرَ لَهُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَالَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّفُهُ وَيَسْتَسْلِفُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلَاءٌ فَلَا يَسْتَسْلِفُهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُخْتَصَر الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَإِنْ تَرَكَ وَالِي الْيَتِيمِ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِهِ أَوْ يُبْضِعَ لَمَّا خَشِيَ مِنْ التَّعْزِيرِ بِهِ وَتَجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ يَضْمَنُهُ أَوْ اسْتَنْفَقَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ بِهِ وَفَاءٌ إنْ عَطِبَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ وَفَاءٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْتَسْلِفَهُ وَلَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّلَفِ وَلَا مَالَ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَالرِّبْحُ لَهُ بِتَعَدِّيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بَعْدُ قَالَ فَضْلٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْمَاجِشُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>