للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ حُلُولُو التُّونُسِيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضٍ، وَقِيلَ: كُلَّمَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَمُقَابِلُهُ عِنْدَنَا مَا صَلَّى فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ وَمَا صَلَّى مِنْهَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَدَاءَ فِعْلُ كُلِّ الْعِبَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ وَمِمَّا يَنْبَنِي عِنْدِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مِنْ الْمَسَائِلِ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِيمَا يُصَلِّي مِنْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَإِنَّا نَشْتَرِطُ فِي الْمَشْهُورِ الْمُوَافَقَةَ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَأْمُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ صَلَّى الْأُولَى فِي الْوَقْتِ فَلَا يَقْتَدِي بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ كُلَّهَا أَدَاءٌ، وَصَلَاةَ الْمَأْمُومِ كُلَّهَا قَضَاءٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كُلَّهَا قَضَاءٌ يَصِحُّ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ هَذِهِ قَضَاءٌ وَالْأُولَى أَدَاءٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ بَابِ الْكُلِّ، أَوْ مِنْ بَابِ الْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَمِنْهَا إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً قَبْلَهُ هَلْ هُوَ كَمَا لَوْ نَوَى فِي الْوَقْتِ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ: (فَإِنْ قُلْتَ) إمَامٌ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ رَجُلٌ وَيَدْخُلُ مَعَهُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ؟ (قُلْتُ:) نَعَمْ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ مِنْ الْوَقْتِ رَكْعَةً فَصَلَّى الْأُولَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَّى الثَّانِيَةَ بَعْدَ طُلُوعِهَا فَدَخَلَ مَعَهُ رَجُلٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ مَسَائِلَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ قَدَّاحٍ انْتَهَى. وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ لِابْنِ قَدَّاحٍ هُوَ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْهُ وَنَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: إذَا صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْأُخْرَى بَعْدَ طُلُوعِهَا وَدَخَلَ مَعَهُ رَجُلٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ يَدْخُلُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ أَمْ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ؟ الْمَذْهَبُ أَنَّ إحْدَاهُمَا تَنُوبُ عَنْ الْأُخْرَى انْتَهَى. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إثْرَهُ: (قُلْتُ:) يَتَخَرَّجُ عِنْدِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ الصَّلَاةُ كُلُّهَا أَدَاءٌ، أَوْ قَضَاءٌ؟ وَهَذَانِ مُخَرَّجَانِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالثَّالِثُ مَا أَدْرَكَهُ أَدَاءٌ وَمَا لَمْ يُدْرِكْهُ قَضَاءٌ لِلشَّافِعِيَّةِ فَيَنْوِي الْمَأْمُومُ مَا نَوَاهُ إمَامُهُ انْتَهَى، فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّيْخِ حُلُولُو.

[فَرْعٌ فاجأ الْمَرْأَة الْحَيْض فِي الصَّلَاة]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَوَائِلِ الْمُنْتَقَى إذَا ثَبَتَ أَنَّ إدْرَاكَ وَقْتِ الْعَصْرِ يَكُونُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: فَإِذَا أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ بِالْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِرَكْعَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنْهَا وَقَدْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ حَاضَتْ فَإِنَّهَا تَقْضِي الْعَصْرَ؛ لِأَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ وَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْضِي وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

ص (وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَيَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ إذَا أَخَّرَهَا إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا، وَهَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ فِيهَا اتَّفَقَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ الْمُسْتَحَبِّ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَهُوَ فِي الْقَامَةِ الظُّهْرُ وَالْقَامَتَانِ، أَوْ الِاصْفِرَارُ فِي الْعَصْرِ وَمَغِيبُ الشَّفَقِ فِي الْمَغْرِبِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ وَانْقِضَاءُ نِصْفِ اللَّيْلِ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَالْإِسْفَارُ فِي الصُّبْحِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ لَهَا وَقْتَ ضَرُورَةٍ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لِصَلَاتِهِ مُفَرِّطٌ فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِفْظِهَا وَرِعَايَتِهَا آثِمٌ لِتَضْيِيعِهِ وَتَفْرِيطِهِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا لَهَا غَيْرَ قَاضٍ، وَأَمَّا تَرْكُهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فَهُوَ مِنْ الْغَيِّ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ} [مريم: ٥٩] الْآيَةَ وَإِضَاعَتُهَا عَلَى مَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ تَأْخِيرُهَا عَنْ مَوَاقِيتِهَا وَالْغَيُّ بِئْرٌ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ يَسِيلُ فِيهِ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَقِيلَ: الْخُسْرَانُ، وَقِيلَ: الشَّرُّ انْتَهَى.

[فَرْعٌ صَلَاة الرَّسُول يَوْم الْوَادِي وَيَوْم الْخَنْدَق]

(فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ هَلْ يُقَالُ: فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْوَادِي وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ أَدَاءٌ، أَوْ قَضَاءٌ فَأَجَابَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ مَعْنَى الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ لَا أَدَاءٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَيْضِ مَا نَصُّهُ لَا يَسْتَوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>