للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجُودَ إنْ كَانَ مِنْ فَرْضٍ يَسْجُدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ نَافِلَةٍ فَلَا يَسْجُدُ فِي وَقْتٍ تُكْرَهُ فِيهِ النَّافِلَةُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ أَوْ خِلَافٌ؟ انْتَهَى. قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مُفَارِقٌ لِلنَّوَافِلِ، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ قِيلَ: لَا يَسْجُدُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ مُرَتَّبًا مِنْ فَرِيضَةٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ فَانْظُرْهُ وَنَصُّ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ السَّهْوِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ نَسِيَ سُجُودَ سَهْوٍ بَعْدَ السَّلَامِ سَجَدَهُ مَتَى مَا ذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ تَوَضَّأَ وَقَضَاهُمَا وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِمَا تَوَضَّأَ وَأَعَادَهُمَا وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ مَا سَجَدَهُمَا تَوَضَّأَ وَأَعَادَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأْنَاهُ وَصَلَاتُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ الصَّلَاةِ. قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا بَحْثَانِ (أَحَدُهُمَا) اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ فَأَحْرَمَ وَجَلَسَ مَعَهُ حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ لِلْقَضَاءِ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟ قِيلَ: لَا تَصِحُّ لِقَوْلِهَا هُنَا لَيْسَتَا مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْخَلَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَقِيلَ: يَصِحُّ لِقَوْلِهِ قَبْلَهَا وَلَوْ قَدَّمَهُ صَحَّتْ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا بَطُلَتْ (قُلْت) وَنَحْوُ هَذَا الْخِلَافِ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى لَوْ لَمْ يُدْرِكْ الْمَسْبُوقُ شَيْئًا وَتَبِعَهُ فِي الْبَعْدِيِّ جَهْلًا ثُمَّ قَامَ لِلْقَضَاءِ صَحَّتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ رَعْيًا لِقَوْلِ سُفْيَانَ وَبَطُلَتْ عِنْدَ عِيسَى بْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا

(الْبَحْثُ الثَّانِي) لَوْ لَمْ يُدْرِكْ الْمَسْبُوقُ إلَّا السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ ثُمَّ لَمَّا قَامَ لِلْقَضَاءِ اقْتَدَى بِهِ آخَرُ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي أَمْ لَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ.

(قُلْت) وَالْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِي أَحْكَامٍ كَالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لَفْظٌ زَائِدٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ جَهْرًا) ش قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: السَّلَامُ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي بَعْدَ السَّلَامِ وَاجِبٌ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرَى عَلَى مَنْ تَرَكَهُ إعَادَةَ السُّجُودِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَجِبُ السَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاجِبٌ فِي السُّجُودِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا، انْتَهَى.

وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السَّلَامِ فَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ بَابٍ أَحْرَى؛ لِأَنَّ مَنْ رَجَعَ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ فَمِنْ بَابِ أَحْرَى الْإِحْرَامُ لِلسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ، وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّشَهُّدَ لَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[تَنْبِيهَاتٌ هَلْ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ الْإِحْرَامَ أَمْ لَا]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ بِإِحْرَامٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ غَيْرَ التَّكْبِيرَةِ الَّتِي يَهْوِي بِهَا لِلسُّجُودِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ أَمْ لَا؟ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَمِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَقَالَ الْهَوَّارِيّ: وَلَا تَفْتَقِرُ اللَّتَانِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَى نِيَّةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ: وَيَتَشَهَّدُ لِلَّتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي افْتِقَارِهِمَا إلَى نِيَّةِ الْإِحْرَامِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الْإِحْرَامِ لِلْبَعْدِيَّةِ ثَالِثُهَا يُحْرِمُ إنْ سَهَا وَطَالَ وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ الْمَشْهُورُ افْتِقَارُهُ إلَى الْإِحْرَامِ وَأَطْلَقَ قَالَ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ وَنَفْيُ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِلَافِ مُوَافِقٌ لِلَّخْمِيِّ مُخَالِفٌ لِابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيَّ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَحْكِيَا الْخِلَافَ إلَّا مَعَ الطُّولِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَيُصَحِّحُ نَقْلَ الْمُصَنِّفِ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ كُلُّ مَنْ رَجَعَ إلَى إصْلَاحِ صَلَاتِهِ فِيمَا قَرُبَ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ قَالَ: فَإِذَا قُلْنَا يُحْرِمُ فَيَكْتَفِي بِتَكْبِيرِهِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ «مِنْ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ» وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>