للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ فِي الْجَلَّابِ وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمَذْهَبَ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ وَإِنْ جَلَسَ لَهُ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ عِنْدَ مَا عَدَّ ابْنَ الْحَاجِبِ السُّنَنَ وَقَبِلَهُ فَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ مُخْتَلِفٌ، وَصَرَّحَ ابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ والْهَوَّارِيّ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ وَنَقَلَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ أَيْضًا أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذِهِ نُصُوصُهُمْ، قَالَ ابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ والْهَوَّارِيُّ: مَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَكَانَ قَدْ جَلَسَ لَهُ سَجَدَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ بِنَاءً عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ لِلْأَقْوَالِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْهَوَّارِيُّ: مَسْأَلَةُ مَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجَاءَ بِالْجُلُوسِ فَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَرْجِعُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَسْجُدُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسُجُودُهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَرْضَ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ مَا فَارَقَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا فَقَوْلَانِ كَمَا إذَا سَهَا عَنْ الْجُلُوسِ. أَمَّا لَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ وَأَتَى مِنْ الْجُلُوسِ بِمِقْدَارِ الْوَاجِبِ فَجَعَلَهُ مَالِكٌ بِمَنْزِلَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَعَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى سَلَّمَ أَجْزَأَ فِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ انْتَهَى وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إذَا سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ إنْ ذَكَرَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: إنْ ذَكَرَ قَبْلَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ رَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ وَهَلْ بِإِحْرَامٍ قَوْلَانِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالتَّشَهُّدُ عِنْدَ مَالِكٍ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَذَكَرَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَقِيَامِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيَتَشَهَّدْ وَلَا يَدْعُو وَيُسَلِّمُ وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ فَلْيَقُمْ وَلَا يَتَشَهَّدُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي نَاسِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِثْلَهُ إذَا ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ هُوَ قَالَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ هُوَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا تَشَهُّدَ وَلَا سُجُودَ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ لِسَهْوِهِ.

وَإِنْ نَسِيَ تَشَهُّدَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى فَذَكَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ سَجَدَ مَتَى مَا ذَكَرَ وَلَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ لِهَذَا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَنَقْصُ السُّنَّةِ عَمْدًا فِي بُطْلَانِهَا بِهِ ثَالِثُهَا يَسْجُدُ قَبْلُ وَرَابِعُهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ الْجَلَّابُ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَسَهْوًا فِعْلًا وَقَوْلًا كَالسُّورَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ يَسْجُدُ، انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: فَإِذَا جَلَسَ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ رَجَعَ لِيَتَشَهَّدَ.

فَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ وَيَسْجُدْ قَبْلَ السَّلَامِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: السُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ الَّتِي يُسْجَدُ لَهَا ثَمَانٍ وَعَدَّ مِنْهَا التَّشَهُّدَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ بِرُمَّتِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ بَهْرَامَ حَيْثُ يَقُولُ فِي الْكَبِيرِ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّجُودِ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يَسْجُدَ لَهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى. قَالَ وَأَخَذَ هَذَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَرَكَ اثْنَتَيْنِ مِنْ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْوَاحِدَةَ لَا سُجُودَ لَهَا، ثُمَّ حَكَمَ لِلِاثْنَيْنِ بِالسُّجُودِ وَأَعْطَى التَّشَهُّدَيْنِ حُكْمَ التَّكْبِيرَتَيْنِ فِي ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّشَهُّدَ الْوَاحِدَ لَا سُجُودَ فِيهِ، انْتَهَى.

كَلَامُ الشَّارِحِ وَهَذَا عَلَى مَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَلَفْظُ الْأُمِّ " أَرَأَيْت إنْ كَانَ سَهْوُهُ يُسْجَدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ كَتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ التَّشَهُّدِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى طَالَ.

قَالَ: أَمَّا التَّشَهُّدَانِ أَوْ التَّكْبِيرَتَانِ أَوْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ أَحْدَثَ أَوْ طَالَ كَلَامُهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ، انْتَهَى. وَهُوَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّ الْقَرَافِيَّ نَسَبَ السُّجُودَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ لِلْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ أَظْهَرُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>