للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ وَخَرَجَ مِنْ الْبَابِ إلَى الصَّفَا فَقَالَ: تَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا» انْتَهَى.

وَلَوْ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ: وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ اسْتِحْبَابَ بَدْءِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ دُونَ الرُّكُوعِ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ فَيَرْكَعَ مِنْ ابْنِ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ (فَرْعٌ) إذَا كَانَ مَجْلِسُهُ بَعِيدًا عَنْ بَابِ الْمَسْجِدِ قِيلَ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَمْضِي إلَى مَوْضِعِهِ انْتَهَى مِنْ الشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَلَى الرِّسَالَةِ.

ص (وَتَرَاوِيحُ)

ش: قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ عَبْدُ الْحَقِّ يَعْنِي بِالْبِدْعَةِ جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يُصَلُّونَ أَوْزَاعًا فَجَمَعَهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ فَهَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْبِدْعَةُ لَا الصَّلَاةُ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَلَّى بِهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَرَكَ فَكَيْفَ يُجْعَلُ جَمْعَهُمْ بِدْعَةً، فَيُقَالُ؛ لَمَّا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ تَرَكَ فَتَرْكُهُ السُّنَّةُ وَصَارَ جَمْعُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِدْعَةً حَسَنَةً وَأَجَابَ سَنَدٌ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْبِدْعَةِ جَمْعَهُمْ مُوَاظَبَةً فِي الْمَسْجِدِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَا أَصْلَ الصَّلَاةِ أَمَّا قِيَامُ رَمَضَانَ فَكَانَ مَشْرُوعًا كَمَا بَيَّنَّا بَلْ كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ بَيْنَهُمْ مُعْتَادًا فَضْلًا عَنْ رَمَضَانَ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ عُمَرَ وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ فَخَيْرُ قِيَامٍ صَلَاةُ آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْبِدْعَةُ فِي ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالنَّاسِ إلَّا أَنَّهُ مَا وَاظَبَ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَعَقَلُوا أَنَّ التَّرْكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمَّا زَالَتْ بِأَمْنِهِمْ تَجَدُّدَ الْأَحْكَامِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلُوا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ كَانَ مَقْصُودَهُ فَوَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ فِي الْجَمْعِ بِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمْرًا لَمْ يَكُنْ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِدْعَةً إلَّا أَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي الْجَوَازِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَلَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ بِدْعَةً، وَأَمَّا وَقْتُهَا فَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَقَبْلَ الْوَتْرِ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الْأَقْفَهْسِيِّ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَكَوْنُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَقَبْلَ الْوَتْرِ هِيَ السُّنَّةُ انْتَهَى.

وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَالْقِيَامُ فِيهِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِإِمَامٍ يَعْنِي بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَأَمَّا مَنْ يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ النَّوَافِلِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ قَوْلَهُ: إنَّهُ يَجُوزُ وَنَسَبَهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ بَيِّنٍ وَالصَّحِيحُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ انْتَهَى.

وَسُئِلَ عِزُّ الدِّينِ عَمَّنْ يُصَلِّي قِيَامَ رَمَضَانَ قَبْلَ الْعِشَاءِ هَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْقِيَامِ الْمَشْرُوعِ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْبُرْزُلِيُّ قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْوَتْرِ عَقِيبَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَيْلَةَ الْجَمْعِ وَيَجْمَعُهُ الْإِمَامُ بِالْأُمِّيِّينَ لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ كَذَلِكَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ لِخَوْفِ التَّجَمُّعِ وَجَهْلِ كَثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِالْقِرَاءَةِ انْتَهَى.

مِنْ الْبُرْزُلِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصِّيَامِ وَوَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْبِلَادِ إذَا أَفْطَرُوا أَتَوْا الْمَسْجِدَ ثُمَّ يُصَلُّونَ إلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ ثُمَّ يُصَلُّونَ مَا بَقِيَ لَهُمْ وَيَنْصَرِفُونَ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْقِيَامِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِعْلُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَالثَّانِي: تَنَفُّلُهُمْ فِي جَمَاعَةٍ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْقِيَامِ الْمَعْهُودِ فَإِنَّ السُّنَّةَ فِي هَذَا الْقِيَامِ أَنْ تَكُونَ بِاللَّيْلِ كَذَلِكَ فَعَلَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ قِيَامَهُمْ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقِيَامِ السَّلَفِ، وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ جَمَعُوا لِلْمَطَرِ لِمَنْ شَاءَ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ كَمَا لَيْسَ لَهُ تَقْدِيمُ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ انْتَهَى.

وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَنَصُّهُ: وَمَنْ دَخَلَ، وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَعَلَيْهِ الْعِشَاءُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَهُ تَأْخِيرُهَا لِلدُّخُولِ مَعَهُمْ مَا لَمْ يَخْرُجْ مُخْتَارُهَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يُؤَخِّرُهَا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّيهَا وَسَطَ النَّاسِ وَمَرَّةً بِمُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>