للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْفَ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ.

وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَحَدِ الْمُتَهَاجِرَيْنِ فَأَجَابَ إنْ كَانَ تَهَاجُرُهُمَا لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَالصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا.

وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَأَقَامَ مَعَهَا فَقَالَ: هِيَ أَشَدُّ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ مَوَانِعِ الْإِمَامَةِ مَا يَرْجِعُ إلَى الْجَوَارِحِ، وَهُوَ الْفَاسِقُ بِجَوَارِحِهِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ كَبِيرَةً أَمْكَنَ أَنْ يَتْرُكَ مَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي صَحَّتْ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّ فِسْقَهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ الْفُرُوضِ، فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ اضْطَرَّهُ هَوًى غَالِبٌ إلَى ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ مَعَ بَرَاءَتِهِ مِنْ التَّهَاوُنِ وَالْجُرْأَةِ صَحَّتْ إمَامَتُهُ، وَهَذَا يُعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ

ص (أَوْ مَأْمُومًا)

ش: قَالَ الْبِسَاطِيُّ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُومًا فَظَاهِرٌ، وَيَكُونُ فِي صُوَرٍ إحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا وَقَامَ لِيَقْضِيَ فَجَاءَهُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ مَأْمُومًا ثُمَّ ابْتَدَأَ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ إمَامٌ، وَهُوَ مَأْمُومٌ وَصَلَاةُ الْكُلِّ عَلَى الْمَذْهَبِ بَاطِلَةٌ انْتَهَى.

أَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فَنُقِلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فِيهَا الْبُطْلَانُ، وَنَصُّهُ: وَمَنْ أَمَّ قَوْمًا فِي سَفَرٍ فَرَأَى قَوْمًا إمَامَهُ يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ فَجَهِلَ فَصَلَّى بِهِمْ فَصَلَاتُهُ تُجْزِئُهُ وَيُعِيدُ مَنْ خَلْفَهُ أَبَدًا، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ أَرَأَيْت رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا فَتَعَيَّا فِي قِرَاءَتِهِ فَفُتِحَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَتَقَدَّمَ الْفَاتِحُ إلَى الْإِمَامِ فَوَقَفَ فِي مَوْضِعِهِ يَقْرَأُ بِهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ السُّورَةِ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فِي الْقِبْلَةِ مُنْصِتٌ حَتَّى رَكَعَ بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ الْأَوَّلُ الْفَاتِحُ عَلَيْهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ قَالَ مَا أَرَى صَلَاتَهُمْ كُلَّهُمْ الْفَاتِحَ عَلَى الْإِمَامِ وَغَيْرَ الْفَاتِحِ إلَّا فَاسِدَةً قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِأَنَّهُمْ ائْتَمُّوا بِمَأْمُومٍ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامَةُ أَنْ يَتْبَعَ مُصَلٍّ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ تَابِعٍ غَيْرَهُ وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ مَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.

وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَنَصُّهُ الْمَنْصُوصُ فِيمَنْ صَلَّى بِرَجُلٍ يَظُنُّهُ مُنْفَرِدًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُؤْتَمٌّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ انْتَهَى.

مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ رَفَعُوا مُقْتَدِينَ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ كَلَامِهِ فَحُكْمُهَا وَاضِحٌ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيمَا إذَا قَامَ الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَائْتَمَّ بِهِ مَسْبُوقٌ مِثْلُهُ قَوْلَيْنِ قَالَ: وَالْأَصَحُّ: الْبُطْلَانُ، وَحَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرِكْ، وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَفِي سَمَاعِ مُوسَى، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَجَعَلَ عِلَّةَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ كَوْنَهُمْ صَلَّوْا فِي جَمَاعَةٍ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا، وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ: وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِإِبْطَالِ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ يَعْنِي بِالْمُسْتَخْلِفِ لَزِمَهُمْ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَمِنْ حُكْمِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ لَا يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامٍ غَيْرِهِ فَصَلَاتُهُ مَا فَاتَ وَرَاءَ الْمُسْتَخْلَفِ كَصَلَاتِهِ وَرَاءَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يَقْضِيَ فَذًّا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ مَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَيُشِيرُ إلَى صِحَّةِ هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ اتَّبَعَ الْمَأْمُومَ فِي الْقَضَاءِ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُؤْتَمَّ بِمَأْمُومٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ يَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ مُؤْتَمًّا مَعَهُ فِي رَكْعَةِ الْفَوَاتِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ: مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَاتَهُ الْإِمَامُ بِهِمَا فَدَخَلَ رَجُلٌ فَاقْتَدَى بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>