للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ، وَأَمَّا الْوَاحِدُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ، قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: سُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ رَجُلَيْنِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ يُحْدِثُ الْإِمَامُ فَيَسْتَخْلِفُ صَاحِبَهُ، قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ آخَرُ فَيَكُونُ خَلِيفَةً عَنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ؛ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ فِي جَمَاعَةٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ اسْتَخْلَفَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ، وَقَالَ: إنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ؛ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ فِي جَمَاعَةٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُتِمَّ وَحْدَهُ عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ فَصَلَّى فَذًّا أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُجْزِئُهُ، وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي " رَسْمِ جَاعٍ "، " وَرَسْمِ إنْ خَرَجَتْ " مِنْ سَمَاعِ عِيسَى انْتَهَى. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهَا تَصِحُّ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ: وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ بِإِمَامَيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ؛ يَعْنِي عَنْ رُكْنٍ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا يَسْتَخْلِفُ لِحَصْرِ قِرَاءَةِ بَعْضِ السُّورَةِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فِي مَفْهُومِهِ بِحَصْرِهِ عَنْ كُلِّهَا نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً عَلَيْهِ لَا فَوَاتَ رُكْنٍ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: أَوْ الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.

(فَرْعٌ) ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَلَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّهُ رَعَفَ وَاسْتَخْلَفَ فَلَمَّا خَرَجَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْعُفْ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى مَنْ خَلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِمَا يَجُوزُ لَهُ وَلْيَبْتَدِئْ هُوَ صَلَاتَهُ خَلْفَ الْمُسْتَخْلَفِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: " أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذَكَرَهُ " يُرِيدُ وَكَذَا إذَا سَقَطَتْ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ أَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَصَّ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ مُوسَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رَسْمِ " أَوَّلِ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ " مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى وَنَصَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَيْضًا فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.

[فَرْعٌ رَأَى الْمَأْمُومُ نَجَاسَةً فِي ثَوْبِ الْإِمَامِ]

(فَرْعٌ) وَإِذَا رَأَى الْمَأْمُومُ نَجَاسَةً فِي ثَوْبِ الْإِمَامِ أَرَاهُ إيَّاهَا إنْ قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ بَعُدَ كَلَّمَهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَبْتَدِئُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَبْنِي ابْنُ نَاجِي، قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهَا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهُ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَصْلِهِ فِيهِ، انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى إمَامَةِ الْجُنُبِ، وَحُكْمُ مَنْ عَلِمَ بِحَدَثِ إمَامِهِ حُكْمُ مَنْ رَأَى النَّجَاسَةَ فِي ثَوْبِ إمَامِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ الْمَذْكُورِ وَفِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْأَفْرِيقِيِّينَ مِنْ الْبُرْزُلِيّ إذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً فَالْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَقْطَعُونَ، وَقِيلَ يَسْتَخْلِفُ كَذَاكِرِ الْحَدَثِ وَفِيهِ إذَا مَاتَ الْإِمَامُ فِي الْمِحْرَابِ أَوْ اخْتَطَفَهُ السَّبُعُ قَدَّمُوا رَجُلًا يُتِمُّ بِهِمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ: كُلُّ مَا أَبْطَلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَبْطَلَ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي ذَلِكَ، وَفِي ذِكْرِ النَّجَاسَةِ وَسُقُوطِهَا، وَيُزَادَ أَيْضًا إلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ انْكِشَافِ عَوْرَةِ الْإِمَامِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَمَسْأَلَةُ سُجُودِ الْمَأْمُومِ لِلسَّهْوِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ، وَعَدَمُ سُجُودِ الْإِمَامِ وَيُضَافُ لِذَلِكَ أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْإِمَامِ يَخَافُ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الرَّاعِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الْآجُرُّومِيَّةِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاتِّبَاعُ بَعْدَ الْقَطْعِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بِمَسْجِدِ قَيْسَارِيَّةَ غَرْنَاطَةَ أَنْتَظِرُ سَيِّدَنَا وَشَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ سَمْعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ طَلَبَتِهِ وَكُنْتُ إذْ ذَاكَ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا وَأَقَلَّهُمْ عِلْمًا فَدَخَلَ سَائِلٌ فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ نَصُّهَا أَنَّ إمَامًا صَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>