للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَسِيرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَسَافَةِ فَلَا شَكَّ فِي إتْمَامِهِ فِي مُقَامِهِ، وَهَلْ يَقْصُرُ فِي سَيْرِهِ وَيُلَفِّقُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ؟ قَوْلَانِ: الْقَوْلُ بِالْإِتْمَامِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْن الْمَوَّازِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالْقَوْلُ بِالْقَصْرِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ

ص (إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ) ش أَيْ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا أَهْلُهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الشُّرُوعِ مُجَاوَزَةُ بِنَاءِ خَارِجِ الْبَلَدِ، وَبَسَاتِينِهِ الَّتِي فِي حُكْمِهِ بِنَاءُ خَارِجِ الْبَلَدِ هِيَ الْأَرْبَاضُ، وَبَسَاتِينُهُ الَّتِي فِي حُكْمِهِ مِنْ الْبَسَاتِينِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ عِمَارَتُهَا انْتَهَى. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُهَا مُلَازِمِينَ لِلسُّكْنَى بِهَا، وَقَدْ قَالَ سَنَدٌ فِي تَعْلِيلِ اعْتِبَارِ الْبَسَاتِينِ: لِأَنَّ عِمَارَتَهَا مُتَّصِلَةٌ بِعِمَارَةِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِهَا، وَقَدْ يَسْكُنُ فِيهَا أَهْلُهَا، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ كَانَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ مَسَاكِنُ خَرِبَتْ وَخَلَتْ مِنْ السُّكَّانِ إلَّا أَنَّ أَبْنِيَتَهَا قَائِمَةٌ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَهَا فَبِأَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْقَائِمَةِ الْبُنْيَانُ وَالْعِمَارَةُ الْمُتَّصِلَةُ أَوْلَى انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَسَاتِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْقَرْيَةِ، وَبِذَلِكَ صَدَّرَ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: وَإِذَا كَانَتْ بَسَاتِينُ الْقَرْيَةِ مُتَّصِلَةً بِهَا لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُفَارِقَهَا، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى اعْتِبَارِ الِاتِّصَالِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَصُّهُ: لَوْ كَانَتْ قَرْيَتَانِ يَتَّصِلُ بِنَاءُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُمَا فِي حُكْمِ الْقَرْيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَضَاءٌ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمُ الِاسْتِقْلَالِ انْتَهَى. وَانْظُرْ كَلَامَ الْأَبِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ فَفِيهِ زِيَادَةٌ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ سَافَرَ مِنْ مِصْرٍ لَا بِنَاءَ حَوْلَهُ وَلَا بَسَاتِينَ قَصَرَ بِمُفَارَقَتِهِ لِسُورِهِ، وَقِيلَ: حَتَّى يُجَاوِزَ الْبَلَدَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَإِنْ كَانَ حَوْلَ الْمِصْرِ بِنَاءَاتٌ مَعْمُورَةٌ وَبَسَاتِينُ فَإِنْ اتَّصَلَتْ بِهِ وَكَانَتْ فِي حُكْمِهِ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِهِ وَكَانَتْ قَائِمَةً بِأَنْفُسِهَا قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا، وَإِنْ سَافَرَ مِنْ قَرْيَةٍ لَا تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَلَا بِنَاءَاتٍ مُتَّصِلَةً بِهَا وَلَا بَسَاتِينَ قَصَرَ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ الْبَلَدِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهَا بِنَاءَاتٌ وَبَسَاتِينُ فَكَمَا قُلْنَاهُ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ مِنْ بُيُوتِ الْعَمُودِ فَإِذَا فَارَقَ الْحُلَلَ الَّتِي سَافَرَ عَنْهَا قَصَرَ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ كَانَ الشَّيْخُ - يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ يَعْتَبِرُ الْبَسَاتِينَ الَّتِي فِي حُكْمِ الْمِصْرِ كَالْبَسَاتِينِ الَّتِي يَرْتَفِقُ سَاكِنُهَا بِمَرَافِقِ الْمِصْرِ مِنْ أَخْذِ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ وَمَا يَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ فِي الْحَالِ وَيُمَثَّلُ ذَلِكَ بِرَأْسِ الطَّابِيَةِ وَمَا قَارَبَهَا انْتَهَى.

[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَصَرَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ]

(فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: فَلَوْ قَصَرَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ عَلَى الْمَشْهُورِ قِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ مُطْلَقًا، أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ انْتَهَى.

[الثَّانِي الْقَوْمِ يَبْرُزُونَ مِنْ مَكَّة إلَى ذِي طُوًى يُرِيدُونَ الْمَسِيرَ أَيَقْصُرُونَ]

(الثَّانِي) قَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ وَدَّعَ وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى ذِي طُوًى فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ: فَلَا يَرْجِعْ لِلْوَدَاعِ وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ بِذِي طُوًى مَا دَامُوا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَكَّةَ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي " رَسْمِ صَلَّى نَهَارًا " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الْقَوْمِ يَبْرُزُونَ مِنْ مَكَّةَ إلَى ذِي طُوًى يُرِيدُونَ الْمَسِيرَ أَيَقْصُرُونَ؟ قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَرَى لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَزَادَ: لِأَنَّ ذَا طُوًى عِنْدِي مِنْ مَكَّةَ فَذَكَرَ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلْحَجِّ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ رَاشِدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يُتِمُّ بِذِي طُوًى يَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ الْبَلَدَ وَبُيُوتَهُ وَبَسَاتِينَهُ؛ لِأَنَّ ذَا طُوًى مُنْفَصِلٌ عَنْ بُيُوتِ مَكَّةَ بِمَسَافَةٍ كَثِيرَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا حَكَمَ بِالْإِتْمَامِ لِمَنْ كَانَ بِذِي طُوًى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ مَكَّةَ وَكَأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ انْتَهَى.

[الثَّالِث صَلَاة الْقَصْر لِمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْر]

(الثَّالِثُ) مَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا - يَقْصُرُ بِمُجَاوَزَةِ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ وَتَخْلِيفِهَا، وَالثَّانِيَةُ - إذَا تَوَارَى

<<  <  ج: ص:  >  >>