للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْبُيُوتِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِيمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ، قَالَ: إذَا جَاوَزَ الْبُيُوتَ وَوَقَعَ فَلْيَقْصُرْ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ أَصْبَغُ وَإِذَا أَقْلَعُوا فَجَرَوْا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، ثُمَّ حُبِسُوا لِمَنْ وَرَاءَهُمْ، فَإِنْ حَبَسَهُمْ الرِّيحُ قَصَرُوا، وَإِنْ حُبِسُوا لِغَيْرِ ذَلِكَ أَتَمُّوا، قَالَ: وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْ وَطَنِهِ إلَى مَا يُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فَرَدَّتْهُ الرِّيحُ إلَى بُيُوتِ قَرْيَتِهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ، قَالَ: تَبْطُلُ كَمَا لَوْ نَوَى فِيهَا الْإِقَامَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي الْحَضَرِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا، ثُمَّ مَشَتْ بِهِ يَعْنِي السَّفِينَةَ حَتَّى خَرَجَ عَنْ الْقَرْيَةِ حَيْثُ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ: قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ صَلَاةَ حَضَرٍ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهَا عَلَى مَا يَجُوزُ انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيّ: قَالَ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي مُسَافِرِ الْبَحْرِ يَقْصُرُ إذَا تَوَارَى عَنْ الْبُيُوتِ، قَالَ أَيْضًا إذَا خَلَفَهَا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ حَتَّى يَدْفَعُوا مِنْ الْمَرْسَى، وَأَنَّهُمْ مَا دَامُوا مُقِيمِينَ فِي الْمَرْسَى فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْمُتَقَدِّمِ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ بِبَحْرٍ، صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

[الرَّابِع بَانَ الْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ ثُمَّ نَوَى الرَّجْعَةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَوَى السَّفَرَ]

(الرَّابِعُ) ، قَالَ فِي الطِّرَازِ فَلَوْ بَانَ الْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ نَوَى الرَّجْعَةَ بَعْدَ مَا بَرَزَ عَنْهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَنَوَى السَّفَرَ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَظْعَنَ عَنْ مَوْضِعِهِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ أَنْشَأَ السَّفَرَ الْآنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ الْمُسَافِرِينَ لِيُشَيِّعَهُمْ فَقَدَّمُوهُ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَيَنْوِيَ السَّفَرَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ: إنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ مُقِيمٍ انْتَهَى.

ص (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةٍ الْجُمُعَةُ)

ش: هَذَا قَوْلٌ ثَانٍ مُقَابِلٌ لِلْأَوَّلِ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ مِنْ سُورِ الْقَرْيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ حُكْمَهُمْ فِي الْمَشْهُورِ بِأَنَّ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ يَقْصُرُ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ مَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِلْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَجَابَ بِأَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ هُنَا مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَنَاسَبَ اعْتِبَارُهَا، وَمَا كَانَ هُنَاكَ مُسْتَقِلٌّ فَنَاسَبَ إلْغَاؤُهُ.

(قُلْت) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ النِّدَاءَ قِبَلَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ نَاجِي: إذَا فَرَّعْنَا عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ فَهَلْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ مَحْسُوبَةٌ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوَّلًا، وَسَأَلْت عَنْهَا شَيْخَنَا أَبَا مَهْدِيٍّ فَقَالَ: لَا أَدْرِي وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تُحْسَبُ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي عَكْسُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، انْتَهَى وَيَعْنِي شَيْخَهُ الْبُرْزُلِيَّ.

(قُلْت) وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ.

(الثَّالِثُ) تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ قَيْدُ ابْنِ بَشِيرٍ، وَنَقَلَ سَنَدٌ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ اعْتِبَارَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ سَنَدٌ رِوَايَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فِي غَيْرِ ذَاتِ الْجُمُعَةِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِإِطْلَاقِ الْجَلَّابِ انْتَهَى.

(قُلْت) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ سَنَدًا هُوَ النَّاقِلُ هَذَا الْقَوْلَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَزَاهُ لِلْمَعُونَةِ كَالْمُسْتَغْرِبِ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالْعَمُودِيُّ حِلَّتُهُ)

ش: وَالْبَدْوِيُّ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُفَارِقَ جَمِيعَ بُيُوتِ الْحَيِّ وَيَبْرُزَ عَنْهَا وَلَوْ كَانَتْ الْبُيُوتُ مُتَفَرِّقَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً بِحَيْثُ يَجْمَعُهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَ الْجَمِيعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْفَضَاءِ، وَالرِّحَابُ تَكُونُ بَيْنَ بُنْيَانِ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا يَجْمَعُهَا اسْمُ الْحَيِّ وَاسْمُ الدَّارِ جَازَ أَيْ جَازَ الْقَصْرُ، أَيْ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ فَرْحُونٍ

ص (وَانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا)

ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَالسَّاكِنِينَ فِي الْجِبَالِ وَالْأَخْصَاصِ نَحْوِ رَابِغٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَشِبْهِهِ، وَكَذَلِكَ الدُّورُ الْمُنْفَرِدَةُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) ، وَفِي الطِّرَازِ لَوْ كَانَ مَنْزِلُهُمْ فِي عَرْضِ وَادٍ أَيْ بَطْنِهِ، فَإِنْ جَعَلُوا جَانِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>