للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا دَامَتْ الشَّمْسُ مُنْكَسِفَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى.

ص (وَلَا تُكَرَّرُ) ش أَيْ لَا تُكَرَّرُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ يَجِبُ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ مَا لَمْ تَنْجَلِ فَإِنْ أَتَمَّهَا عَلَى سُنَّتِهَا قَبْلَ الِانْجِلَاءِ لَمْ يَلْزَمْ الْجَمْعُ لِصَلَاةٍ أُخْرَى عَلَى سُنَّتِهَا، وَلَكِنْ لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَيَدْعُوا وَيَذْكُرُوا اللَّهَ انْتَهَى.

، وَأَمَّا لَوْ تَكَرَّرَ الْكُسُوفُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَسَأَلْنَاهُ هَلْ يُسْتَسْقَى فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَهَذَا قَوْلُ الْكَافَّةِ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ وَلَيْسَ أَسْتَحِبُّ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: ٩٤] وَقَوْلُهُ {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام: ٤٣] فَرَبَطَ التَّضَرُّعَ بِالْحَالِ الْمُؤَدِّيَةِ بِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلِاسْتِسْقَاءِ أَوَّلًا هِيَ الْغَيْثُ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْغَيْثِ قَائِمَةٌ وَهَكَذَا لَوْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْقَمَرُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْكُسُوفَ كُلَّ مَرَّةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَسْقِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ تِلْكَ الْمَرَّةِ إلَى اسْتِسْقَاءٍ انْتَهَى.

ص (وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ قَوْلَانِ)

ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ أَعْنِي الْخِلَافَ فِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ فِي السُّورَتَيْنِ، لَكِنَّهُ مُخْتَلِفٌ فَإِنْ انْجَلَتْ بَعْدَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا [] فَلَا خِلَافَ. أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَوْ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَعْنَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

إنَّمَا هُوَ فِي عَدَدِ الرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ دُونَ الْإِطَالَةِ، وَإِنْ انْجَلَتْ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا وَاخْتُلِفَ هَلْ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ أَوْ يَقْطَعُ هَكَذَا حَصَلَ الْخِلَافُ ابْنُ نَاجِي، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الثَّانِيَيْنِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ) ش أَمَّا كُسُوفُ الشَّمْسِ فَلَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ وَقْتَهَا إلَى الزَّوَالِ إلَّا عَلَى مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِيمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ فَوَقْتُهَا إذَا اسْتَيْقَظَ فَتَأَمَّلْهُ، وَأَمَّا فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ فَمُمْكِنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ عِيدٌ فَفِيهِ سُؤَالَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا مُحَالٌ عَادَةً؛ لِأَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقَمَرِ إذَا حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فِي دَرَجَتِهَا يَوْمَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَعِيدُ الْفِطْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ دَرَجَةً مَنْزِلَةً تَامَّةً وَالْأَضْحَى يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً عَشْرَ مَنَازِلَ. نَعَمْ يُمْكِنُ عَقْلًا أَنْ يَذْهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْقَمَرِ كَمَا يُمْكِنُ حَيَاةُ إنْسَانٍ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهِ وَإِخْلَاءِ جَوْفِهِ وَالْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مُنْكَرٌ مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَجَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ تَحَدَّثُوا فِيهِ.

(السُّؤَالُ الثَّانِي) أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ النَّفْلِ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِتَقْدِيمِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْكُسُوفَ يُخْشَى ذَهَابُ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْعِيدَيْنِ كَمَا فِي جَوَابِ الْأَذَانِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: زَعَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بُطْلَانَ كَوْنِ الْكُسُوفِ بِحَيْلُولَةِ الْقَمَرِ وَكَوْنِ خُسُوفِهِ بِدُخُولِهِ فِي ظِلِّ الْأَرْضِ لِسَبْعَةِ أَوْجُهٍ خِلَافَ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَالْجَمَاعَةِ: فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ لَا سُؤَالَ. انْتَهَى.

(الثَّانِي) قَالَ الْقَرَافِيُّ إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ عِنْدَ خَوْفِ فَوَاتِهَا وَإِنْ أَمِنَ قَدَّمَ الْكُسُوفَ، وَتُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ عَلَى الْجُمُعَةِ وَالْخُسُوفِ، إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهُ انْتَهَى.

(قُلْت) وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ وَقْتَهَا مُمْتَدٌّ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>