للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةُ فِيهِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: تَجِبُ بِالْخَرْصِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: بِالْجِذَاذِ، انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَكْفِي الْإِفْرَاكُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ لَا يُفْسَخُ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَأَمَّلْهُ. الثَّانِي الْحَصَادُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَالْكَسْرُ لُغَةُ الْحِجَازِيِّينَ وَالْفَتْحُ لُغَةُ نَجْدٍ وَالْجَدَادُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْقَوْلُ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى نَصِّ التَّنْزِيلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] إنْ حُمِلَتْ الْآيَةُ عَلَى الزَّكَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. يُشِيرُ إلَى مَا قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْحُبُوبِ، وَأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَقِّ هَلْ هُوَ الزَّكَاةُ أَوْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهَا أَوْ أَمْرٌ آخَرُ نُسِخَ بِهَا؟ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الزَّرْعِ بَعْدَ الطِّيبِ وَقَبْلَ الْجِذَاذِ أَجْزَأَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ لَا تَجْزِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ

ص (فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ)

ش: وَكَذَلِكَ إذَا عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَهُمَا، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، أَوْ انْتَزَعَ السَّيِّدُ مَالَ عَبْدِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ، وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الزَّرْعِ حِينَئِذٍ فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَجْزِي، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ لَا يَجْزِي، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْبَيَانِ لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ زَكَاةُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَقَدْ رَوَى زِيَادٌ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ زَكَاةُ زَرْعِهِ وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فِي سُنْبُلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِ إذَا لَمْ يَتَطَوَّعْ بِهَا مِنْ نَفْسِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بَعْدَ أَنْ أَفْرَكَ وَقَبْلَ يُبْسِهِ، انْتَهَى. مِنْ أَوَّلِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ فِي الزَّرْعِ يُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يَتَطَوَّعْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ كَيْلَ الْحَبِّ قَبْلَ حَصْدِهِ وَمُرَاعَاةً لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ يَحْسُبُهُ إلَّا إذَا نَوَاهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَأَيْضًا لِمَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْخَرْصِ وَقَبْلَ الْجِدَادِ لَمْ يُجْزِئْهُ، قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا فَمُقْتَضَاهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهَا تَجْزِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ.

(فَرْعٌ) عُلِمَ مِنْ هَذَا وَمِنْ كَلَامِ النَّوَادِرِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ عَيْنِ الزَّرْعِ، قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الزَّكَاةَ إذَا وَجَبَتْ مِنْ عَيْنِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا إذَا دَفَعَ مِثْلَهَا أَوْ أَجْوَدَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ أَدْنَى مِمَّا عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " إنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا " زَكَاةُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا

[تَنْبِيهَانِ مَاتَ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ذِمَّتَهُ]

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ ذِمَّتَهُ وَقَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرِ يَلْزَمُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ذِمَّتِهِ لَا مِيرَاثَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فَقِفْ عَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ وَنَقَلَهَا الْقَرَافِيُّ عَنْهُ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ.

(الثَّانِي) إذَا حَصَلَ لِلْوَارِثِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَكَانَ لَهُ زَرْعٌ آخَرُ إذَا ضَمَّهُ لِهَذَا كَانَ فِي الْمَجْمُوعِ نِصَابٌ فَإِنَّهُ يَضُمُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ.

[فَرْعٌ وَهَبَ الزَّرْعَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ]

(فَرْعٌ) إذَا وَهَبَ الزَّرْعَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فَفِي كَوْنِ الزَّكَاةِ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِ الْوَاهِبِ مَا وَهَبَ لِيُزَكِّيَهَا مِنْ مَالِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ، وَرُوِيَ إنْ تَصَدَّقَ بِزَرْعٍ يَبِسَ عَلَى فَقِيرٍ فَعُشْرُهُ زَكَاةٌ وَبَاقِيهِ صَدَقَةٌ، انْتَهَى. مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ.

ص (وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا)

ش:

<<  <  ج: ص:  >  >>