للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفِطْرَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ غَيْرِ الْعَبِيدِ ابْنُ يُونُسَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ هُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَظَهَرَ لِي أَنَّهُ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مُسَاوَاةُ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالنَّوَادِرِ وَلَا مَدْخَلَ لِلتَّأْوِيلِ فِي كَلَامِهِ مَعَ مَا يُسَاعِدُهُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْقِيَاسِ، وَذَلِكَ إنْ اتَّفَقْنَا أَنَّ الْمُقَارَضَ إذَا شَغَّلَ بَعْضَ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّهِ أَنْ يُنْقِصَ شَيْئًا مِنْهُ إذْ عَلَيْهِ عَمَلُ الْعَامِلِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا فَإِذَا تَرَكَ السَّاعِي رَبَّ الْمَالِ وَأَخَذَهَا مِنْ الْعَامِلِ كَانَ النَّقْصُ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ إشْغَالِهِ فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ إذَا أَدَّاهَا رَبُّ الْمَالِ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْقِرَاضِ بَعْدَ إشْغَالِ الْمَالِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، قِيلَ: إنَّمَا الزِّيَادَةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ مَا وَصَلَ لِيَدِ الْعَامِلِ وَانْتَفَعَ بِهِ، وَهَذَا لَا يَصِلُ إلَى يَدِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْقِرَاضِ لَكَانَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ الْقِرَاضِ زِيَادَةٌ فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْغَنَمَ زَكَاتُهَا مِنْ رِقَابِهَا فَلِذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا، وَالْعَبِيدُ زَكَاتُهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلِذَلِكَ أُخِذَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، قِيلَ: وَالدَّنَانِيرُ زَكَاتُهَا مِنْهَا فَيَلْزَمُك أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ يُدِيرُ وَالْعَامِلُ لَا يُدِيرُ وَبِيَدِهِ سِلَعُ وَمَالُ عَيْنٍ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ الْعَيْنِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ: إنَّ زَكَاةَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يُقَوِّمُ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ وَيُزَكِّي مِنْ عِنْدِهِ وَلَا يُزَكِّي الْعَامِلُ مَا بِيَدِهِ إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَأَيْضًا يَلْزَمُكَ أَنْ تَكُونَ زَكَاةُ الشَّنَقِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهَا مِنْ غَيْرِهَا فَإِنْ قُلْت ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفْت ابْنَ حَبِيبٍ وَانْفَرَدْت بِذَلِكَ

وَإِنْ قُلْت عَلَى الْعَامِلِ فَقَدْ نَقَصَتْ حُجَّتُك أَنَّ كُلَّ مَا يُزَكَّى مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقُولُ: الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْأَرْبَعِينَ زَكَاةٌ عَنْ رِقَابِهَا، وَالْفِطْرَةُ زَكَاةٌ عَنْ رِقَابِ الْعَبِيدِ فَاسْتَوَيَا وَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ زَكَاتُهَا عَلَى مَنْ لَهُ الرَّقَبَةُ وَالْمُقَارَضُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الرِّقَابِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَأْخُذُهُ كَإِجَارَةٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاةِ الرَّقَبَةِ شَيْءٌ فَإِنْ قُلْنَا " إذَا سَقَطَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ مِنْ أَصْلِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْعَامِلِ فِي رِبْحِهِ نَقْصٌ " قِيلَ: يَدْخُلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا حَالَتْ أَسْوَاقُ الْغَنَمِ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُقَارَضُ بِحَضْرَةِ السَّاعِي، وَأَمَّا إنْ غَابَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُقَارَضُ فَلِلسَّاعِي أَخْذُ الشَّاةِ مِنْ الْعَامِلِ، إذْ قَدْ لَا يُجِيبُ رَبُّ الْمَالِ فَيُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَإِذَا أَخَذَهَا سَقَطَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَكَانَ مَا بَقِيَ رَأْسَ الْمَالِ، وَيَكُونُ أَخْذُ الشَّاةِ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الشَّاةِ إلَى الْعَامِلِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْقِرَاضِ بَعْدَ إشْغَالِ الْمَالِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي هَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى السَّاعِي مِنْ الضَّرَرِ مِنْ مُطَالَبَةِ رَبِّ الْمَالِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى الثَّانِي - يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي - بِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى رَبِّ الْقِرَاضِ إنْ غَابَ رَبُّهُ أَخَذَهُ مِنْهَا وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَوْ مِنْ مَالِ رَبِّهِ نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ ظَاهِرِهَا مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلَيْ الشَّيْخِ وَمُحَمَّدٍ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ، وَإِنْ قَلَّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يُزَكِّي رِبْحَهُ، وَلَوْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ زَكَاتَهُ عَلَى رَبِّ الْمَال لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ.

ص (إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا)

ش: قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَإِذَا عَمِلَ الْمُقَارَضُ بِالْمَالِ أَقَلَّ مِنْ حَوْلٍ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَزَكَّى رَبُّ الْمَالِ لِتَمَامِ حَوْلِهِ فَلَا يُزَكِّي الْعَامِلُ رِبْحَهُ حَتَّى يَحُولَ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ اقْتَسَمَهُ وَفِيمَا نَابَهُ الزَّكَاةُ، انْتَهَى.

ص (بِلَا دَيْنٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْ رَبِّ الْمَالِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنْ نَابَهُ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ وَحْدَهُ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ رِبْحَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عَرْضٌ يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِيهِ، انْتَهَى.

ص (وَحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ)

ش: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>