للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْكَلُ مَا اتَّصَلَ بِرَوْثِهِ حَتَّى يُغْسَلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ لِنَجَاسَةِ رَوْثِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ص (وَصُوفٌ وَوَبَرٌ وَزَغَبُ رِيشٍ وَشَعْرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ)

ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الشَّعَرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا يُطْلَقُ عَلَى شَعْرِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَهُوَ عَامٌّ وَالصُّوفُ لِلشَّاةِ فَهُوَ أَخُصُّ مِنْهُ وَالْوَبَرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ صُوفُ الْإِبِلِ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ الشَّعْرُ مَا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ وَالرِّيشُ لِلطَّائِرِ وَالزَّغَبُ مَا اكْتَنَفَ الْقَصَبَةَ.

ص (إنْ جُزَّتْ)

ش: هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ إذَا أُخِذَتْ مِنْ غَيْرِ الْمُذَكَّى قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَنْفَصِلَ مَجْزُوزَةً بَلْ لَوْ نُتِفَتْ وَقُطِعَ مُبَاشِرُ اللَّحْمِ طَهُرَ.

(تَنْبِيهٌ) اُنْظُرْ هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهَا فِي حَالِ اتِّصَالِهَا بِالْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُجَزَّ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ بِالطَّهَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ شَعْرُ الْمَيْتَةِ طَوِيلًا وَصَلَّى عَلَيْهِ مُصَلٍّ، أَوْ كَانَ الْمُصَلِّي يُبَاشِرُ رِيشَ الْقَصَبَةِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَا اتَّصَلَ بِهَا فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَأَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ الشَّعْرُ وَالرِّيشُ مَبْسُوطًا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي الْمُصَلِّي، أَوْ مُمْسِكًا لَهُ بِيَدِهِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا قَالَ سَنَدٌ فِيمَنْ رَبَطَ حَبْلًا فِي مَيْتَةٍ إنَّهُ إنْ كَانَ طَرَفُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبِسَاطِ، وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي وَسَطِهِ، أَوْ مَمْسُوكًا بِيَدِهِ لَمْ تَجُزْ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا جُزَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ مَيْتَةٍ فَاسْتُحِبَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنْ تُغْسَلَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَلَا مَعْنَى لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ أَذًى وَأَوْجَبَ ابْنُ حَبِيبٍ غَسْلَهَا فَإِنْ تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ الصُّوفِ وَمَا مَعَهُ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَيْتَةِ، أَوْ بَيْعَ مَا نُسِجَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ أَبُو حَفْصٍ: لِأَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ صُوفِ الْحَيِّ وَلِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ.

ص (وَالْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ وَمُنْفَصِلٍ عَنْهُ)

ش: الْجَمَادُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ لُغَةً الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَالسَّنَةُ الَّتِي لَا مَطَرَ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِهِ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ رَاشِدٍ: الْجَمَادُ مَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ انْتَهَى. فَيَتَنَاوَلُ النَّبَاتَ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَالَمُ حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَمَادٌ فَجَعَلَ الْجَمَادَ مُقَابِلًا لِلْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذَكَرَ وَأَصْلُ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ.

قَالَ وَنَعْنِي بِذَلِكَ مَا لَا تَحِلُّهُ حَيَاةٌ، أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْ ذِي حَيَاةٍ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَنَعْنِي بِالْجَمَادِ مَا لَيْسَ بِرُوحٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ رُوحٍ فَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا كَالْإِتْيَانِ بِالْجِنْسِ الْبَعِيدِ لِصِدْقِهَا عَلَى الْعَرَضِ وَالْجَوْهَرِ فَأَبْدَلَهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ إلَى آخِرِهِ فَقَوْلُهُ جِسْمٌ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَالْجَمَادَ وَقَوْلُهُ غَيْرُ حَيٍّ فَصْلٌ يُخْرِجُ الْحَيَوَانَ وَقَوْلُهُ وَمُنْفَصِلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حَيٍّ أَيْ وَغَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْ حَيٍّ وَخَرَجَ بِهِ جَمِيعُ الْفَضَلَاتِ الْمُنْفَصِلَاتِ عَنْ الْحَيِّ الطَّاهِرِ مِنْهَا وَالنَّجِسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ حَدِّ الْجَمَادِ كَوْنُهَا نَجِسَةً وَالْأَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ نَجِسًا؛ لِأَنَّا أَخْرَجْنَا مِنْ حَدِّ الْجَمَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ أَجْزَاءَ الْحَيَوَانِ الْمُنْفَصِلَةَ عَنْهُ دَاخِلَةٌ فِي الْجَمَادِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْجَمَادَاتُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرَةٌ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَعِبَارَتُهُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْجَمَادَاتِ الْمَحْكُومَ لَهَا بِالطَّهَارَةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيَوَانٍ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْحَيَوَانِ، أَوْ بَعْضَهَا جَمَادَاتٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْجَمَادَ مَا لَيْسَ بِذِي رُوحٍ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.

وَمُرَادُهُ بِالْعِنَايَةِ قَوْلُهُمْ وَنَعْنِي بِكَذَا وَكَذَا وَدَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعُ الْمَائِعَاتِ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ وَزَيْتٍ وَنَحْوِهَا وَلَا يُقَالُ: الْجَمَادُ مُقَابِلُهُ الْمَائِعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الَّذِي يُقَابِلُ الْمَائِعَ الْجَامِدُ لَا الْجَمَادُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْجَمَادِ مُفْرَدًا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجَمَادَاتُ بِالْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْجَمَادَ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>