للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ كُنْتُ أَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِي فَأُوذِيت فَتَرَكْت ذَلِكَ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَصْرِفِ الزَّكَاةِ: مَنْ دُفِعَتْ إلَيْهِ زَكَاةٌ لِيُفَرِّقَهَا فِي أَهْلِهَا، وَكَانَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْطَى مَالًا فِي خُرُوجِهِ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ لِيَصْرِفَهُ عَلَى مَنْ قَطَعَ بِهِ فَقَطَعَ بِهِ فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَائِمَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ نَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّانِي فِيمَنْ بُعِثَ مَعَهُ جَزَاءٌ أَوْ فِدْيَةٌ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ، قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي شَرْحِهِ: وَنَظِيرُهُ الْكَفَّارَةُ وَالزَّكَاةُ تُدْفَعُ لِبَعْضِ الْمَسَاكِينِ يُفَرِّقُهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِالْعَدْلِ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ أُعْطِيت لَهُ صَدَقَةٌ يُفَرِّقُهَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ حَظِّهِ إذَا كَانَ مِسْكِينًا، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِيهَا قَوْلَانِ وَسَبَبُهُمَا الْوَكِيلُ، هَلْ هُوَ مَعْزُولٌ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ الْمَأْمُورُ بِالتَّبْلِيغِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْخِطَابِ أَمْ لَا؟ وَيَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ جَعَلَ مَالَهُ فِي الْعُطَاشِ أَنَّهُ يُشْرَبُ مِنْهُ إنْ عَطِشَ، انْتَهَى. وَفِي رَسْمِ الْبُرْزُلِيِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَ لِمَنْ بُعِثَ مَعَهُ بِمَالٍ فِي غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمُنْقَطِعِينَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إذَا احْتَاجَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنْ لَا يُحَابِيَ نَفْسَهُ فَيَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطِي غَيْرَهُ، وَاسْتُحِبَّ لَهُ إنْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، وَاسْتُحِبَّ لَهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يُعْلِمَ رَبَّهُ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ وَجَبَ غُرْمُهُ لَهُ، وَإِنْ فَاتَ لَمْ يُمْكِنُهُ إعْلَامُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَاشَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ لَهُ الْأَخْذَ ابْتِدَاءً، وَإِنْ قَالَ صَاحِبُهُ: " إنْ احْتَجْت فَخُذْ " جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِاتِّفَاقٍ مِثْلَ مَا يُعْطِي غَيْرَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَرْضَى بِذَلِكَ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَكَّ أَسِيرًا أَنَّهُ لَوْ افْتَقَرَ صَاحِبُ الزَّكَاةِ لَمْ يُعْطَ مِنْهَا، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِإِثْرِ الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ أَعْنِي مَنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ فَلَمْ تَنْفُذْ حَتَّى أُسِرَ، فَقَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفْدَى مِنْهَا، وَلَوْ افْتَقَرَ لَمْ يُعْطَ مِنْهَا.

(فَرْعٌ) وَفِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى ذَوِي الْحَاجَةِ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا وَرَثَتُهُ إنْ احْتَاجُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا أَوْ يُكْرَهُ تَأْوِيلَانِ) ش تَصَوُّرُ التَّأْوِيلَيْنِ وَاضِحٌ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا أَعْطَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ جَازَ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ لَا تَعُودُ لِلْمُعْطِي، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إثْرَ نَقْلِهِ هَذَا وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا أَخْرَجَ مِنْ زَكَاتِهِ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَ أَبِيهِ، وَأَبُوهُ فَقِيرٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَعُودُ عَلَى الْمُعْطِي، انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِالتَّبْصِرَةِ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي اللَّخْمِيّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ زَكَاتَهُ لِأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِمَا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، وَذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيّ الْمُتَقَدِّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ)

ش: قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَفِي تَرْجَمَةِ قَدْرِ مَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ النَّفَرُ فِي الدِّينَارِ أَوْ يَصْرِفَهُ دَرَاهِمَ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ كَثِيرَةً، وَإِنْ زَكَّى دَرَاهِمَ فَلَا يَصْرِفْ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا دَنَانِيرَ وَلَا يَصْرِفْهَا بِفُلُوسٍ لِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ لِيَعُمَّهُمْ وَلَكِنْ لِيَجْمَعَ النَّفَرُ فِي الدِّرْهَمِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ صَرَفَهَا فُلُوسًا وَأَخْرَجَهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأهُ، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ " فِي الذَّهَبِ " عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُهُ " فِي الْفُلُوسِ " عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ كَمَا شَهَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَنَقْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُجْزِئُ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>