للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لِمَالِكٍ: أَتَرْضَى بِالْمُدِّ الْأَكْبَرِ، قَالَ: لَا بَلْ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنْ أَرَادَ خَيْرًا فَعَلَى حِدَةِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ تَغْيِيرُ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ، انْتَهَى.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ عَدَمَ زِيَادَةِ الْمِسْكِينِ عَلَى صَاعٍ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ " وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ "؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ الْمُسْتَحَبِّ، وَهُنَاكَ بَيَانُ الْجَوَازِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَهُمَا مَعًا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الصَّاعِ وَعَلَى عَدَمِ زِيَادَةِ الْمِسْكِينِ عَلَى صَاعٍ مُشِيرًا بِهِ لِكَلَامِ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ يُونُسَ.

ص (وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ)

ش: ابْنُ رُشْدٍ فِي لُبِّ اللُّبَابِ: الْمُخْرَجُ فِيهِ مَوْضِعُ الْمَالِ، وَإِنْ أَدَّى أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَانِهِ مُحْتَاجٌ فَفِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِنْ أَدَّى أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ أَجْزَأَ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَوْ أَوْصَاهُمْ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ، انْتَهَى. وَنَقَلَ كَلَامَهُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا يُؤَدِّيهَا الْمُسَافِرُ حَيْثُ هُوَ، وَإِنْ أَدَّاهَا عَنْهُ أَهْلُهُ أَجْزَأَهُ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ يُؤَدِّيهَا عَنْ نَفْسِهِ إذْ لَا يَدْرِي أَتُؤَدَّى عَنْهُ أَمْ لَا لَا عَنْ أَهْلِهِ لَعَلَّهُمْ أَدَّوْا (قُلْتُ) : فَيَلْزَمُ الْأَوَّلُ وَيُجَابُ بِالْمَشَقَّةِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا إنْ تَرَكَ مَا يُؤَدُّنَّهَا مِنْهُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِأَدَائِهَا عَنْهُ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِأَدَائِهَا عَنْهُ لَمْ يُؤَدِّهَا، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ مَا يُؤَدُّونَهَا مِنْهُ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا عَنْهُ وَعَنْهُمْ، انْتَهَى.

وَمَا عَزَاهُ لِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ هُوَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الرَّجُلِ يَغِيبُ عَنْ أَهْلِهِ أَرَى أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَتُؤَدَّى عَنْهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَهْلُهُ فَأَرَى أَنْ يُؤَخِّرَ لَعَلَّهُمْ أَدَّوْا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا إنْ تَرَكَ عِنْدَ أَهْلِهِ مَا يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ فَهُوَ إذَا لَمْ يَدْرِ مَا يَفْعَلُونَ فَيُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يُؤَدُّوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يُؤَدُّوا عَنْهُ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا عَنْهُ فِي مَغِيبِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهُمْ مَا يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ لَزِمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِمَوْضِعِهِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَيُخْرِجُهَا عَنْهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا الْمُسَافِرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَ أَهْلَهُ بِأَدَائِهَا عَنْهُ وَعَنْهُمْ فَيَجْزِي ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ إنْ كَانَ أَهْلُهُ مَوْضِعَ الثِّقَةِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ أَطْلَقَ فَيَبْقَى جَوَازُ إخْرَاجِ الْأَهْلِ كَمَا هُوَ مُطْلَقٌ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ: وَإِذَا أَدَّى أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ أَجْزَأَ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ: قَوْلَهُ: وَإِنْ أَدَّاهَا أَهْلُهُ عَنْهُ أَجْزَأَ أَبُو الْحَسَنِ وَيَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَهُ أَدَّوْهَا عَنْهُ بِأَنْ يُوصِيهِمْ بِإِخْرَاجِهَا وَيَتْرُكَ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَيَثِقَ بِهِمْ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ وَأَوْصَاهُمْ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ، انْتَهَى.

وَاسْتَحْسَنَ فِي الطِّرَازِ الْإِجْزَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُرْفَهُ مَعَهُمْ، وَنَصُّهُ: فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْمُسَافِرُ وَأَخْرَجَهَا عَنْهُ أَهْلُهُ، فَقَالَ فِي الْكِتَابِ: يُجْزِئُهُ وَذَلِكَ لَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا - أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ هُوَ عُرْفَهُمْ مَعَهُمْ فَيُجْزِئُ بِلَا إشْكَالَ وَكَأَنَّهُ اسْتَنَابَهُمْ، وَالثَّانِيَةُ - لَمْ يَأْمُرْهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُرْفَهُ مَعَهُمْ فَهَذَا يُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَإِذْنِهِ، وَأَنْ يُجْزِيَهُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَيَسْقُطُ عَنْهُ إذَا أَدَّى عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِاللُّقَطَةِ عَنْ رَبِّهَا ثُمَّ إذَا عَلِمَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَضِيَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ فَفِيمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ أَوْلَى وَاعْتِبَارًا بِمَنْ يُضَحِّي عَنْهُ أَهْلُهُ بِأُضْحِيَّةٍ لِيَكْفُوهُ مُؤْنَةَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، انْتَهَى.

[فَرْعٌ هَلْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَبِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الْغَنِيِّ أَمْ لَا]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ فَإِنْ قُلْت، هَلْ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَبِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الْغَنِيِّ أَمْ لَا؟ (قُلْتُ) : الْجَوَابُ فِيهَا بِالْإِجْزَاءِ أَوْ النَّفْيِ خَطَأٌ وَالْجَوَابُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا جَازَ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>