للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَامِضٌ طَاهِرٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ وَالْمُصَنَّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّهْوِ وَلَمْ يَحْكُوا غَيْرَهُ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ التُّونُسِيِّ نَحْوَهُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ رُشْدٍ وَالتُّونُسِيِّ أَنَّ الْقَيْءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا إذَا شَابَهَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، أَوْ قَارَبَهَا، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا فِي الْقَيْءِ قَالَ سَنَدٌ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى الْقَيْءِ فَمَنْ قَلَسَ وَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَغَيِّرِ وَغَيْرِهِ وَالْقَلْسُ هُوَ دُفْعَةٌ مِنْ الْمَاءِ تَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ أَوْ يَقْذِفُهُ رِيحٌ مِنْ فَمِ الْمَعِدَةِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ طَعَامٌ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مِنْهُ مَا يَكُونُ مُتَغَيِّرًا عَلَى حَسَبِ مَا يَسْتَحِيلُ إلَيْهِ وَمَا يُخَالِطُهُ مِنْ فَضَلَاتِ الْمَعِدَةِ فَهُوَ نَجِسٌ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَغَيَّرُ أَوْ يَتَغَيَّرُ بِطَعْمِ الْمَاءِ فَلَا يَجِدُ صَاحِبُهُ زِيَادَةً عَلَى طَعْمِ أَكْلِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَيْءِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ مَالِكٍ يَعْنِي فِي الْمُوَطَّإِ رَأَيْتُ رَبِيعَةَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ يَقْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ مِرَارًا ثُمَّ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُصَلِّيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَبِلَهُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ الْقَلْسُ مَا يَخْرُجُ عِنْدَ الِامْتِلَاءِ، أَوْ بِرَدِّ الْمِزَاجِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ الطَّعَامُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ فَهُوَ لَيْسَ بِنَجِسٍ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ وَنَصُّهُ: الْقَلْسُ مَاءٌ، أَوْ طَعَامٌ يَسِيرٌ يَخْرُجُ إلَى الْفَمِ عَلَى وَجْهٍ قَائِمٍ فِي قَوْلِهِ وَلْيَتَمَضْمَضْ لَيْسَتْ الْمَضْمَضَةُ عَلَيْهِ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُمَضْمِضَ مِنْ ذَلِكَ فَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَلْسَ لَا يَكُونُ طَعَامًا يَتَغَيَّرُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ تَنْظِيفُ الْفَمِ وَإِزَالَةُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ رَائِحَةِ الطَّعَامِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ بَابٍ جَامِعٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَلْسِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ فَهُوَ نَجِسٌ فَيَقْطَعُ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَ الْقَيْءُ، أَوْ الْقَلْسُ مُتَغَيِّرًا وَجَبَ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَيُسْتَحَبُّ الْمَضْمَضَةُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَذْهَبُ بِالْبُصَاقِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَإِذَا شَابَهَ الْقَيْءُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ فَاخْتُلِفَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ وَسَيَأْتِي وَالْقَلْسُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ وَبِسُكُونِهَا مَصْدَرُ قَلَسَ يَقْلِسُ كَضَرَبَ يَضْرِبُ.

ص (وَصَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ)

ش: قَالَ سَنَدٌ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجَسَدِ مِنْ صَفْرَاءَ الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ كَمَا يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمَرَائِرِ، وَالْمَرَائِرُ أَصْلُ الصَّفْرَاءِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَالْبَلْغَمُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْبُصَاقِ وَالنُّخَامِ انْتَهَى، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّأْسِ، أَوْ مِنْ الصَّدْرِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ أَنَّ الْبَلْغَمَ وَالصَّفْرَاءَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مَائِعٌ مِنْ وِعَاءٍ نَجِسٍ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْقُلُ عَنْ الْقَرَافِيِّ: الْبَلْغَمُ طَاهِرٌ وَالسَّوْدَاءُ نَجِسٌ وَفِي الصَّفْرَاءِ قَوْلَانِ وَاَلَّذِي فِي الْقَوَاعِدِ وَالذَّخِيرَةِ أَنَّ الصَّفْرَاءَ كَالْبَلْغَمِ، وَالْقَوْلَانِ حَاصِلَانِ مِنْ نَقْلِ الْقَرَافِيِّ وَنَقْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ)

ش: كَذَا قَيَّدَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمَرَائِرَ بِالْمُبَاحِ فَقَالَ وَالْمَعِدَةُ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ وَالْبَلْغَمُ وَالصَّفْرَاءُ وَمَرَائِرُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ نَجِسَانِ وَلَمْ يُقَيِّدْ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمَرَائِرَ بِالْمُبَاحِ بَلْ قَالَ: الْمَذْهَبُ طَهَارَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجَسَدِ مِنْ صَفْرَاءَ كَمَا يَحْكُمُ بِطَهَارَةِ الْمَرَائِرِ وَالْمَرَائِرُ هِيَ أَصْلُ الصَّفْرَاءِ، وَانْظُرْ مَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْكَلَامِ؟ فَإِنْ أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْمَرَارَةِ حَالَ كَوْنِهَا فِي جَوْفِ الْحَيَوَانِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُبَاحِ وَلَا لِلْمَرَارَةِ فَقَدْ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعِ وَالثَّمَانِينَ: بَاطِنُ الْحَيَوَانِ مُشْتَمِلٌ عَلَى رُطُوبَاتٍ كَالدَّمِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْي وَالْبَلْغَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِنَجَاسَةٍ، فَمَنْ حَمَلَ حَيَوَانًا فِي صَلَاتِهِ لَمْ تَبْطُلْ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعِدَةُ طَاهِرَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ نَجِسَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيَّ طَاهِرٌ.

وَإِنْ أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْمَرَائِرِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا فَقَدْ قَالَ سَنَدٌ: إنَّهُ أَصْلُ الصَّفْرَاءِ وَإِنَّ الصَّفْرَاءَ الْخَارِجَةَ مِنْ الْجَوْفِ طَاهِرَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْمَرَارَةِ بَعْدَ انْفِصَالِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَبِمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهَا إنْ انْفَصَلَتْ مِنْ مُذَكًّى تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ فَهِيَ طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْمُذَكَّى طَاهِرَةٌ، وَإِنْ انْفَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ نَجِسَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>