للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَّخَذُ مِنْ الذَّهَبِ وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ مِسْكَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ النَّحْلُ، وَالْمُسْكُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْبُخْلُ، وَالْمُسُكُ بِضَمِّهِمَا الْبُخْلُ أَيْضًا وَالْمَسَكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ الْبُخْلُ وَفِي الْحَدِيثِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ إنَّ أَكْثَرَ الْمُحَدِّثِينَ يَكْسِرُ الْمِيمَ وَرِوَايَةُ الْمُتْقِنِينَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ، وَكَذَا هُوَ لِأَبِي بَحْرٍ وَلِلْمُسْتَمْلِي قَالَ وَبِالْوَجْهَيْنِ قَيَّدْتُهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَبِالْكَسْرِ ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَرِوَايَةُ الْمُحَدِّثِينَ صَحِيحَةٌ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ انْتَهَى.

وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ عَلَى طَهَارَتِهِ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ قَوْلًا بِنَجَاسَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ كَاسْتِعْمَالِهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ كَالْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ الْمُمْسَكِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفَأْرَتُهُ)

ش: هِيَ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمِسْكُ وَيُسَمَّى النَّافِحَةَ وَاخْتُلِفَ فِي هَمْزِهِ فَقِيلَ الصَّوَابُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَارَ يَفُورُ لِفَوَرَانِ رِيحِهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ هَمْزُهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَةِ الْفَأْرَةِ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فَارَةُ الْمِسْكِ مَيْتَةٌ وَيُصَلَّى بِهَا، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهَا كَخُرَّاجٍ يَحْدُثُ بِالْحَيَوَانِ تَجْتَمِعُ فِيهِ مَوَادُّ ثُمَّ تَسْتَحِيلُ مِسْكًا، وَمَعْنَى كَوْنِهَا مَيْتَةً أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بِذَكَاةِ مَنْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ مِنْ أَهْلِ الْهِنْدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ وَإِنَّمَا حُكِمَ لَهَا بِالطَّهَارَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّهَا اسْتَحَالَتْ عَنْ جَمِيعِ صِفَاتِ الدَّمِ وَخَرَجَتْ عَنْ اسْمِهِ إلَى صِفَاتٍ وَاسْمٍ يَخْتَصُّ بِهَا فَطَهُرَتْ لِذَلِكَ كَمَا يَسْتَحِيلُ الدَّمُ وَسَائِرُ مَا يَتَغَذَّى بِهِ الْحَيَوَانُ مِنْ النَّجَاسَاتِ إلَى اللَّحْمِ فَيَكُونُ طَاهِرًا انْتَهَى.

وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بَعْدَ الْكَلَامِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ، وَتَتِمَّةُ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَكَمَا يَسْتَحِيلُ الْخَمْرُ إلَى الْخَلِّ طَاهِرًا، وَكَمَا يَسْتَحِيلُ مَا بِهِ مِنْ الْعَذِرَةِ وَالنَّجَاسَةِ تَمْرًا، أَوْ بَقْلًا فَيَكُونُ طَاهِرًا وَإِنَّمَا لَمْ تَنْجُسْ فَأْرَةُ الْمِسْكِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ وَلَا جُزْءٍ مِنْهُ فَتَنْجُسُ بِعُذْرِ الذَّكَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ يَحْدُثُ فِي الْحَيَوَانِ كَمَا يَحْدُثُ الْبَيْضُ فِي الطَّيْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنَّ تَشْبِيهَهُ لَهُ بِالْبَيْضِ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الطَّيْرِ يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ إذَا أُخِذَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ الظَّبْيَةِ فَإِنَّ الْبَيْضَ الَّذِي يَخْرُجُ بَعْدَ الْمَوْتِ نَجِسٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِهِمْ طَهَارَةُ الْمِسْكِ وَفَأْرَتِهِ وَلَوْ أُخِذَتْ مِنْ الْحَيَوَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ انْفَصَلَتْ الْفَأْرَةُ بَعْدَ مَوْتِ الظَّبْيَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ.

ص (وَزَرْعٌ بِنَجَسٍ)

ش: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْقَمْحَ النَّجِسَ إذَا زُرِعَ وَنَبَتَ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا غَيْرُ الْقَمْحِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الزَّرْعَ إذَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ لَا تَنْجُسُ ذَاتُهُ، وَإِنْ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْبَقْلُ وَالْكُرَّاثُ وَنَحْوُهُ كَالزَّرْعِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي إذَا سُقِيَ الزَّرْعُ بِمَاءٍ نَجِسٍ فَالْمَاءُ الَّذِي تَضْمَنَّهُ طَاهِرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ وَزَرْعٌ مُلَابِسٌ لِلنَّجَاسَةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ " إنَّ الْبَقْلَ لَا يُسْقَى بِالْمَاءِ النَّجِسِ إلَّا أَنْ يُقْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا لَيْسَ بِنَجِسٍ " لَا وَجْهَ لَهُ، إذْ لَوْ نَجُسَ بِسَقْيِهِ لِلْمَاءِ النَّجِسِ لَكَانَتْ ذَاتُهُ نَجِسَةً وَلَمْ يَطْهُرْ بِتَغْلِيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ - حُكْمُ سَقْيِهِ لِلْمَاءِ النَّجِسِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ ظَاهِرِ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ النَّجَاسَةُ مِنْ أُصُولِ الزَّرْعِ إلَّا أَنْ يُسْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ يَبْلُغُ إلَى مَا بَلَغَ إلَيْهِ النَّجِسُ وَالْمُنَجِّسُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ)

ش: أَيْ صَارَ حَجَرًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالطِّرْطَارِ وَيَسْتَعْمِلُهُ الصَّبَّاغُونَ، وَهَذَا إذَا ذَهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِسْكَارُ بَاقِيًا فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ فَشُرِبَ أَسْكَرَ فَلَيْسَ بِطَاهِرٍ وَنَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي مَسَائِلِ الْأَشْرِبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ خُلِّلَ)

ش: أَيْ وَلَوْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ كَالْخَلِّ وَالْمِلْحِ وَالْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>