للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُطْلَقِ غَلَبَةٍ، وَجَعْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الثَّانِيَ الْمَشْهُورَ وَهْمٌ، انْتَهَى.

وَجَعْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ خِلَافَ الرَّاجِحِ، فَانْظُرْهُ. وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ.

وَأَمَّا الْمَرَضُ فَالْمَشْهُورُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالنِّسْيَانِ: أَنَّ الْمَرَضَ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَالنَّاسِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّفْرِيطِ.

وَالْحَيْضُ مِثْلُ الْمَرَضِ.

وَحُكْمُ النِّفَاسِ حُكْمُ الْحَيْضِ.

(فَرْعٌ) : وَأَمَّا السَّفَرُ، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ، أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ لِسَفَرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا. نَقَلَهُ ابْنُ هَارُونَ، انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْبَابَ، وَنَصُّهُ: وَفِيهِ لِسَفَرٍ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَفِيهَا: لَا أَدْرِي، ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ قَضَاءَهُ، انْتَهَى.

وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ بِأَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ، فَقَالَ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ، بِخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ. وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَكَانَ حَصْرُهُ سُقُوطَ الْقَضَاءِ فِيمَا ذَكَرَ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَشْهِيرُ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَفْطَرَ فِي الْمُعَيَّنِ مُتَعَمِّدًا، فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ: وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ كُلِّ خَمِيسٍ يَأْتِي لَزِمَهُ، فَإِنْ أَفْطَرَ خَمِيسًا مُتَعَمِّدًا قَضَاهُ، انْتَهَى.

فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِفْطَارِ فَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَأَمَّا الْمُتَعَيَّنُ سِوَى رَمَضَانَ فَيَلْزَمُ قَضَاؤُهُ مَعَ الْعُذْرِ فِي فِطْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مَعَ الْعُذْرِ الْقَاطِعِ كَالْمَرَضِ وَالْإِكْرَاهِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَخَطَأِ الْوَقْتِ وَالسَّهْوِ، إِلَّا أَنَّ فِي هَذَيْنِ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ السَّفَرُ، انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِلْمَشْهُورِ إِلَّا فِي السَّهْوِ وَخَطَأِ الْوَقْتِ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِمَا وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ الْإِكْرَاهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الطِّرَازِ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَالْفِطْرِ نَاسِيًا.

(فَرْعٌ) : تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إِذَا أَفْطَرَ فِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ نَاسِيًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ وَيَقْضِيَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَأَصْبَحَ مُفْطِرًا يَظُنُّهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ وَيَقْضِيَهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفُّ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ. قَالَهُ فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي حُكْمِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ فِي الْوُجُوبِ كَحُكْمِ رَمَضَانَ، إِلَّا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْعَامِدِ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَأَصْبَحَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُفْطِرًا وَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لَهُ، ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَائِمًا يَظُنُّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ قَضَاءِ صَوْمِ يَوْمِ الْخَمِيسِ. قَالَهُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: إِنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ قَضَائِهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَوُجُوبِ قَضَائِهِ، فَنَابَ فِي النِّيَّةِ فَرْضٌ عَنْ فَرْضٍ، فَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ فِي الْأَسِيرِ يُخْطِئُ فِي الشُّهُورِ فَيَصُومُ شَوَّالًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ رَمَضَانَ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يَجْزِيهِ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : هُنَا لُغْزٌ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ قَضَاءُ الصَّوْمِ الْمُعَيَّنِ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا نَذَرَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّامًا بِعَيْنِهَا ثُمَّ جَاءَهُ الْعُذْرُ فَإِنَّهُ يَقْضِي ذَلِكَ، وَفِي رَسْمِ جَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ مَالِكٌ: مَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ صِيَامَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالْاثْنَيْنِ، فَأَصْبَحَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهُوَ يَظُنُّهُ الْأَرْبِعَاءَ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى عَلِمَ، قَالَ مَالِكٌ: يَصُومُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَكْفِيهِ إِيجَابُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلًا فِي نِيَّةٍ. قَالَ: وَلَوْ أَصْبَحَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ صَائِمًا وَهُوَ يَرَاهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ عَلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ. قِيلَ لِمَالِكٍ: وَلَوْ جَازَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ صَائِمًا وَهُوَ يَرَاهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: يُجْزِيهِ عَنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ:

قَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْهَا فِي رَسْمِ سَلَفٍ قَبْلَ هَذَا.

وَعَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَإِيجَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُتِمَّ الْيَوْمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَفْطَرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، خِلَافَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، انْتَهَى.

وَالَّذِي قَدَّمَهُ فِي رَسْمِ سَلَفٍ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّحْدِيدِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ: لَا مَسْرُودٍ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ.

(مَسْأَلَةٌ) : قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ: وَهِيَ مُكَرَّرَةٌ فِي هَذَا الرَّسْمِ مِنَ الْإِيمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْهُ، قَالَ فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِاللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>