للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن الْأَب. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن هشيم. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن عَمْرو بن عون عَن خَالِد بن عبد الله وَعَن هناد عَن عَبْثَر بن الْقَاسِم. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن هناد بِهِ، وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن كَامِل الْمروزِي عَن هشيم بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سرنا مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَيْلَة) من: سَار يسير سيرا، وَفِيه رِوَايَة عمرَان بن حُصَيْن: (إِنَّا أسرينا) ، ويروى: (سرينا) ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم مُسْتَوفى، وَذكرنَا أَيْضا أَن هَذِه اللَّيْلَة فِي أَي سفرة كَانَت. قَوْله: (لَو عرست بِنَا يَا رَسُول الله) ، جَوَاب: لَو، مَحْذُوف تَقْدِيره: لَكَانَ أسهل علينا، أَو هُوَ لِلتَّمَنِّي. وعرست، بتَشْديد الرَّاء من: التَّعْرِيس، وَهُوَ: نزُول الْقَوْم فِي السّفر آخر اللَّيْل للاستراحة. قَوْله: (أَنا أوقظكم) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (فَمن يوقظنا؟ فَقَالَ بِلَال: أَنا) . قَوْله: (فاضطجعوا) ، يجوز أَن يكون بِصِيغَة الْمَاضِي، وَيجوز أَن يكون بِصِيغَة الْأَمر. قَوْله: (إِلَى رَاحِلَته) أَي: إِلَى مركبه. قَوْله: (فغلبته عَيناهُ) أَي: عينا بِلَال، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: (فَغلبَتْ) بِغَيْر ضمير. قَوْله: (فَنَامَ) ، أَي: بِلَال. قَوْله: (فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد طلع حَاجِب الشَّمْس) ، أَي: طرفها، وحواجب الشَّمْس نَوَاحِيهَا. وَفِي رِوَايَة مُسلم: (فَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّمْس فِي ظَهره) . قَوْله: (أَيْن مَا قلت؟) يَعْنِي: أَيْن الْوَفَاء بِقَوْلِك أَنا أوقظكم؟ . قَوْله: (مَا ألقيت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. وَقَوله: (نومَة) مفعول نَائِب عَن الْفَاعِل. قَوْله: (مثلهَا) أَي مثل هَذِه النومة الَّتِي كَانَت فِي هَذَا الْوَقْت، و: مثل، لَا يتعرف بِالْإِضَافَة، وَلِهَذَا وَقع صفة للنكرة. قَوْله: (إِن الله قبض أرواحكم) الْأَرْوَاح: جمع روح، يذكر وَيُؤَنث، وَهُوَ: جَوْهَر لطيف نوراني يكدره الْغذَاء والأشياء الرَّديئَة الدنية، مدرك للجزئيات والكليات، حَاصِل فِي الْبدن متصرف، فِيهِ غنى عَن الاغتذاء، بَرِيء عَن التَّحَلُّل والنماء، وَلِهَذَا يبْقى بعد فنَاء الْبدن إِذْ لَيست لَهُ حَاجَة إِلَى الْبدن، وَمثل هَذَا الْجَوْهَر لَا يكون من عَالم العنصر بل من عَالم الملكوت، فَمن شَأْنه أَن لَا يضرّهُ خلل الْبدن ويلتذ بِمَا يلائمه ويتألم بِمَا يُنَافِيهِ، وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم} (ال عمرَان: ١٦٩) . الْآيَة. وَقَوله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا وضع الْمَيِّت على نعشه رَفْرَف روحه فَوق نعشه، وَيَقُول: يَا أَهلِي وَيَا وَلَدي) فَإِن قلت: كَيفَ يُفَسر الرّوح وَقد قَالَ تَعَالَى: {قل الرّوح من أَمر رَبِّي} (الْإِسْرَاء: ١٨) . قلت: مَعْنَاهُ من الإبداعات الكائنة: بكن من غير مَادَّة، وتولد من أصل، على أَن السُّؤَال كَانَ عَن قدمه وحدوثه، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي جَوَاز تَفْسِيره. فَإِن قلت: إِذا قبض الرّوح يكون الشَّخْص مَيتا، لكنه نَائِم لَا ميت؟ قلت: الْمَعْنى من قبض الرّوح هُنَا قطع تعلقه عَن ظَاهر الْبدن فَقَط، وَالْمَوْت قطع تعلقه بِالْبدنِ ظَاهرا وَبَاطنا، فَمَعْنَى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم , (إِن الله قبض أرواحكم) ، مثل قَوْله تَعَالَى: {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} (الزمر: ٤٢) . قَوْله: (حِين شَاءَ) ، فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَيْسَ لوقت وَاحِد، فَإِن نوم الْقَوْم لَا يتَّفق غَالِبا فِي وَقت وَاحِد، بل يتتابعون فَيكون حِين الأول جزأ من أحيان مُتعَدِّدَة. قَوْله: (قُم فَأذن) ، بتَشْديد الذَّال، من التأذين. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (فَأذن) ، بِالْمدِّ وَمَعْنَاهُ: أعلم النَّاس بِالصَّلَاةِ. قَوْله: (فَتَوَضَّأ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَزَاد أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) : فَتَوَضَّأ النَّاس) . قَوْله: (وابياضت) على وزن: افعالت، من الابيضاض، وَهَذِه الصِّيغَة تدل على الْمُبَالغَة، يُقَال: أَبيض الشَّيْء إِذا صَار ذَا بَيَاض، ثمَّ إِذا أَرَادوا الْمُبَالغَة فِيهِ ينقلونه إِلَى بَاب الافعيلال، فَيَقُولُونَ: ابياض. وَكَذَلِكَ: احمر واحمار، وَقَالَ بَعضهم: وَقيل: إِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِي كل لون بَين لونين، فَأَما الْخَالِص من الْبيَاض مثلا فَإِنَّمَا يُقَال لَهُ أَبيض، قلت: هَذَا القَوْل صادر عَمَّن لَيْسَ لَهُ ذوق من علم الصّرْف وَلَا اطلَاع فِيهِ. قَوْله: (قَامَ فصلى) ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (فصلى بِالنَّاسِ) .

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ خُرُوج الإِمَام بِنَفسِهِ فِي الْغَزَوَات.

الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز الالتماس من السادات فِيمَا يتَعَلَّق بمصالحهم الدِّينِيَّة بل الدُّنْيَوِيَّة أَيْضا مِمَّا فِيهِ الْخَيْر.

الثَّالِث: أَن على الإِمَام أَن يُرَاعِي الْمصَالح الدِّينِيَّة.

الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الِاحْتِرَاز عَمَّا يحْتَمل فَوَات الْعِبَادَة عَن وَقتهَا.

الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز الْتِزَام خَادِم بمراقبة ذَلِك.

السَّادِس: فِيهِ الْأَذَان للفائتة، ولأجله ترْجم البُخَارِيّ الْبَاب، وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَ أَصْحَابنَا: يُؤذن للفائتة وَيُقِيم، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره، وَفِيه: (ثمَّ أَمر مُؤذنًا فَأذن فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ثمَّ أَقَامَ ثمَّ صلى الْفجْر) . وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم، وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذر، وَإِن فَاتَتْهُ صلوَات أذن للأولى، وَأقَام، وَهُوَ مُخَيّر فِي الْبَاقِي: أَن شَاءَ أذن

<<  <  ج: ص:  >  >>