للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبِيه لِأَنَّهُ لم يكن فِي الْمنزل من الرِّجَال غَيره، أَو لِأَنَّهُ أوصاه بهم. قَوْله: (فَقَالَ) أَي: أَبُو بكر: (يَا غنثر) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَضمّهَا أَيْضا، قَالَ ابْن قرقول: مَعْنَاهُ: يَا لئيم يَا دنيء. وَقيل: الثقيل الوخم. وَقيل: الْجَاهِل، من الغثارة وَهِي الْجَهْل، وَالنُّون زَائِدَة. وَقيل: مَأْخُوذ من الغثر وَهُوَ السُّقُوط. وَقَالَ عِيَاض: وَعَن بعض الشُّيُوخ: يَا عنتر، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهُوَ: الذُّبَاب الْأَزْرَق، شبهه بِهِ تحقيرا لَهُ، وَالْأول هُوَ الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة، قَالَه النَّوَوِيّ. قَوْله: (فجدع) ، بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره عين مُهْملَة، أَي: دَعَا بالجدع، وَهُوَ قطع الْأنف أَو الْأذن أَو الشّفة، وَهُوَ بالأنف أخص. وَقيل: مَعْنَاهُ السب. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِيهِ الْبعد لقَوْله: فجدع وَسَب، وَقَالَ ابْن قرقول: وَعند الْمروزِي بالزاي قَالَ: وَهُوَ وهم. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وكل ذَلِك من أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على ابْنه ظنا مِنْهُ أَنه فرط فِي حق الأضياف، فَلَمَّا تبين لَهُ أَن ذَلِك كَانَ من الأضياف أدَّبهم بقوله: (كلوا لَا هَنِيئًا) ، وَحلف أَن لَا يطعمهُ. وَقيل: إِنَّه لَيْسَ بِدُعَاء عَلَيْهِم إِنَّمَا هُوَ خبر، أَي: لم تتهنوا بِهِ فِي وقته. وَقَالَ السفاقسي: إِنَّمَا خَاطب بذلك أَهله لَا أضيافه. و: هَنِيئًا، مَنْصُوب على أَن فعله مَحْذُوف وَاجِب حذفه فِي السماع، وَالتَّقْدِير: هُنَاكَ الله هَنِيئًا، وهنيئا دخل عَلَيْهِ حرف النَّفْي. قَوْله: (وأيم الله) ، مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَي: ايم الله قسمي، وهمزته همزَة وصل لَا يجوز فِيهَا الْقطع عِنْد الْأَكْثَرين، وَالْأَصْل فِيهِ: يَمِين الله، ثمَّ جمع الْيَمين على أَيمن، وَلما كثر اسْتِعْمَاله فِي كَلَامهم خففوه بِحَذْف النُّون فَقَالُوا: ايم الله، وَفِيه لُغَات قد ذَكرنَاهَا فِي: بَاب الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم. قَوْله: (إلَاّ رَبَا) أَي: زَاد. قَوْله: (وَصَارَت) أَي: الْأَطْعِمَة. قَوْله: (أَكثر مِمَّا كَانَت) ، بالثاء الْمُثَلَّثَة، ويروى بِالْبَاء الْمُوَحدَة: أكبر، قَوْله: (فَإِذا هِيَ كَمَا هِيَ) ، أَي: فَإِذا الْأَطْعِمَة كَمَا هِيَ على حَالهَا لم تنقص شَيْئا، وَالْفَاء فِيهِ: فَاء المفاجأة. قَوْله: (فَقَالَ لامْرَأَته) ، أَي: فَقَالَ أَبُو بكر لزوجته. وَهِي: أم عبد الرَّحْمَن وَأم رُومَان. قَوْله: (يَا أُخْت بني فراس) إِنَّمَا قَالَ كَذَلِك لِأَنَّهَا زَيْنَب بنت دهمان، بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء، أحد بني فراس بن غنم بن مَالك بن كنَانَة، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب. وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ يَا من هِيَ من بني فراس. قَوْله: (مَا هَذَا؟) اسْتِفْهَام من أبي بكر عَن حَال الْأَطْعِمَة. قَوْله: (قَالَت: لَا وقرة عَيْني) ، كلمة: لَا، زَائِدَة للتَّأْكِيد، ونظائره مَشْهُورَة، وَيحْتَمل أَن تكون: لَا، نَافِيَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَي: لَا شَيْء غير مَا أَقُول، وَهُوَ قَوْلهَا: وقرة عَيْني، و: الْوَاو، فِيهِ وَاو الْقسم، و: قُرَّة الْعين، بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء: يعبر بهَا عَن المسرة، ورؤية مَا يحب الْإِنْسَان. قيل: إِنَّمَا قيل ذَلِك لِأَن عينه تقر لبلوغ أمْنِيته، وَلَا يستشرف لشَيْء فَيكون مشتقا من الْقَرار. وَقيل: مَأْخُوذ من القر، بِالضَّمِّ، وَهُوَ: الْبرد، أَي: إِن عينه بَارِدَة لسرورها وَعدم تقلقها. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أقرّ الله عينه، أَي: أبرد دمعه لِأَن دمعة الْفَرح بَارِدَة ودمعة الْحزن حارة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَرَادَت بقرَّة عينهَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأقسمت بِهِ. وَقَالَ ثَعْلَب: تَقول قررت بِهِ عينا أقرّ. وَفِي (الْغَرِيب المُصَنّف) و (الْإِصْلَاح) : قررت وقررت قُرَّة وقرورا. وَفِي (كتاب الْمثنى) لِابْنِ عديس: وقرة، وَحَكَاهُ ابْن سَيّده، وَفِي (الصِّحَاح) : تقر وتقر، وَأقر الله عينه: أعطَاهُ حَتَّى تقر، فَلَا تطمح إِلَى من هُوَ فَوْقه. وَقَالَ ابْن خالويه: أَي: ضحِكت فَخرج من عَيْني مَاء قرور، وَهُوَ الْبَارِد، وَهُوَ ضد: أسخن الله عينه، قَالَ الْقَزاز: وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: لَيْسَ كَمَا ذكر الْأَصْمَعِي من أَن دمعة الْفَرح بَارِدَة والحزن حارة، قَالَ: بل كل دمع حَار. قَالُوا: وَمعنى قَوْلهم: هُوَ قُرَّة عَيْني إِنَّمَا يُرِيدُونَ هُوَ: رضى نَفسِي. قَالَ: وقرة الْعين نَاقَة تُؤْخَذ من الْمغنم قبل أَن يقسم فيطبخ لَحمهَا ويصنع فيجتمع أهل الْعَسْكَر عَلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ قبل الْقِسْمَة، فَإِن كَانَ من هَذَا فَكَأَنَّهُ دعى لَهُ بالفرج وَالْغنيمَة. وَفِي (كتاب الفاخر) : قَالَ أَبُو عَمْرو: مَعْنَاهُ أَنَام الله عَيْنك، الْمَعْنى: صَادف سُرُورًا أذهب سهره فَنَامَ، وَحكى القالي: أقرّ الله عَيْنك، وَأقر الله بِعَيْنِك. قَوْله: (فَأكل مِنْهَا) ، أَي: من الْأَطْعِمَة. قَوْله: (إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان) ، يَعْنِي: يَمِينه وَهُوَ قَوْله: (وَالله لَا أطْعمهُ أبدا) ، قَوْله: (ثمَّ أكل مِنْهَا لقْمَة) ، وتكرار الْأكل مَعَ أَنه وَاحِد لأجل الْبَيَان. لِأَنَّهُ لما وَقع الأول أَرَادَ الْإِبْهَام بِأَنَّهُ أكل لقْمَة، أما تَركه الْيَمين ومخالفته لأجل إِتْيَانه بالأفضل، للْحَدِيث الَّذِي ورد فِيهِ، أَو كَانَ مُرَاده لَا أطْعمهُ مَعكُمْ، أَو: فِي هَذِه السَّاعَة، أَو: عِنْد الْغَضَب، وَهَذَا مَبْنِيّ على أَنه يقبل التَّقْيِيد إِذا كَانَ اللَّفْظ عَاما، وعَلى أَن الِاعْتِبَار لعُمُوم اللَّفْظ أَو لخُصُوص السَّبَب. قَوْله: (إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان) وَفِي رِوَايَة: الأولى من الشَّيْطَان يَعْنِي، يَمِينه، فأخزاه بِالْحِنْثِ الَّذِي هُوَ خير، وَفِي بعض الرِّوَايَات: (لما جَاءَ بالقصعة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل مِنْهَا) . قَوْله: (فَأَصْبَحت عِنْده) أَي: أَصبَحت الْأَطْعِمَة عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (عقد) أَي: عهد مهادنة، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>