للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يُوضح الْإِبْهَام. فِي قَوْله: (مَا يَقُول إِذا سمع الْمُؤَذّن) ، وَقد قُلْنَا: إِنَّه أبهم التَّرْجَمَة لاحتمالها الْوَجْهَيْنِ، فَحَدِيث أبي سعيد أوضح الْوَجْه الأول، وَحَدِيث مُعَاوِيَة هَذَا أوضح الْوَجْه الثَّانِي.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: معَاذ بن فضَالة، بِضَم الْمِيم وَفتح الْفَاء، تقدم ذكره. الثَّانِي: هِشَام الدستوَائي. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير، الرَّابِع: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث الْمدنِي، مضى ذكره فِي: بَاب الصَّلَاة الْخمس كَفَّارَة. الْخَامِس: عِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ الْقرشِي من أفاضل أهل الْمَدِينَة، مَاتَ فِي زَمَنه عمر بن عبد الْعَزِيز. السَّادِس: مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وأهوازي ويماني ومدني.

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مَحْمُود بن خَالِد عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير بِهِ، وَلم يذكر الزِّيَادَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فَقَالَ مثله) ، أَي: مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن، ويروى: بِمثلِهِ، وَهَهُنَا سَأَلَ الْكرْمَانِي سؤالين: الأول: أَن السماع لَا يَقع إِلَّا على الذوات إِلَّا إِذا وصف بالْقَوْل، وَنَحْوه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {سمعنَا مناديا يُنَادي للْإيمَان} (ال عمرَان: ١٩٣) . وَأجَاب بِأَن القَوْل مُقَدّر، أَي: سمع مُعَاوِيَة قَالَ يَوْمًا، وَلَفظ: فَقَالَ، مُفَسّر: لقَالَ الْمُقدر، وَمثل هَذِه: الْفَاء، تسمى بِالْفَاءِ التفسيرية. وَالثَّانِي: كلمة: إِلَى، للغاية، وَحكم مَا بعْدهَا خلاف مَا قبلهَا، وَيلْزم أَن لَا يَقُول فِي أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مثله، وَأجَاب بِأَن: إِلَى، هَهُنَا بِمَعْنى: الْمَعِيَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} (النِّسَاء: ٢) . سلمنَا أَنَّهَا بِمَعْنى الِانْتِهَاء، لَكِن حكمهَا متفاوت، فقد لَا تدخل الْغَايَة تَحت المغيا؟ قَالَ صَاحب (الْحَاوِي) : الْإِقْرَار بقوله من وَاحِد إِلَى عشرَة إِقْرَار بِتِسْعَة، وَقد تدخل: قَالَ الرَّافِعِيّ: هُوَ إِقْرَار بِالْعشرَةِ، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، سلمنَا وجوب الْمُخَالفَة بَين مَا بعْدهَا وَمَا قبلهَا. لَكِن لَا نسلم وُجُوبهَا بَين نفس الْغَايَة وَمَا قبلهَا، كَمَا يُقَال: مَا بعد الْمرْفق حكم مُخَالف لحكم مَا قبله، لَا نفس الْمرْفق. فَفِي مَسْأَلَتنَا: تجب مُخَالفَة حكم الحيعلة لما قبلهَا، لَا حكم الشَّهَادَة بالرسالة. قلت: الأَصْل فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة عِنْد أبي حنيفَة أَنه لَا يدْخل الِابْتِدَاء وَلَا يدْخل الِانْتِهَاء، وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يدخلَانِ جَمِيعًا. وَعند زفر: لَا يدخلَانِ جَمِيعًا، فَالَّذِي يلْزمه عِنْد أبي حنيفَة تِسْعَة، وَعِنْدَهُمَا عشرَة، وَعند زفر ثَمَانِيَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ الْمُسْتَفَاد من حَدِيث مُعَاوِيَة فِي هَذَا الْبَاب: أَن يَقُول السَّامع من الْمُؤَذّن مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن إلَاّ فِي الحيعلتين، وَاخْتصرَ البُخَارِيّ حَدِيث مُعَاوِيَة هَهُنَا، وَقد روى حَدِيثه بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عمر: حَدِيث مُعَاوِيَة فِي هَذَا الْبَاب مُضْطَرب الْأَلْفَاظ، بَيَان ذَلِك أَنه روى مثل مَا يَقُول طَائِفَة، وَهُوَ أَن يَقُول مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن من أول الْأَذَان إِلَى آخِره، رُوِيَ هَذَا عَن الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: (كُنَّا عِنْد مُعَاوِيَة فَأذن الْمُؤَذّن، فَقَالَ مُعَاوِيَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن يُؤذن فَقولُوا مثل مقَالَته) . أَو كَمَا قَالَ، وروى عَنهُ: (مثل مَا يَقُول) ، طَائِفَة أُخْرَى، وَهُوَ أَن يَقُول مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن فِي كل شَيْء إِلَّا قَوْله: حى على الصَّلَاة حى على الْفَلاح، فَإِنَّهُ يَقُول فيهمَا: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، ثمَّ يتم الْأَذَان، وَهُوَ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) : حَدثنَا معَاذ بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: (أذن الْمُؤَذّن عِنْد مُعَاوِيَة فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر، قَالَ مُعَاوِيَة الله اكبر الله اكبر: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. فَقَالَ: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. قَالَ: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. فَقَالَ: حَيّ على الصَّلَاة، قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، فَقَالَ: حَيّ على الْفَلاح، قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر، قَالَ مُعَاوِيَة: الله أكبر الله أكبر. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . وَرُوِيَ عَنهُ: مثل مَا يَقُول، طَائِفَة أُخْرَى، وَهُوَ أَن يَقُول مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن فِي التَّشَهُّد وَالتَّكْبِير دون سَائِر الْأَلْفَاظ، وَهُوَ رِوَايَة عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : عَن ابْن عُيَيْنَة عَن مجمع الْأنْصَارِيّ أَنه سمع أَبَا أُمَامَة بن سهل بن حنيف حِين سمع الْمُؤَذّن كبر وَتشهد بِمَا تشهد بِهِ، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا حَدثنَا مُعَاوِيَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كَمَا يَقُول الْمُؤَذّن، فَإِذا قَالَ: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَقَالَ: وَأَنا أشهد، ثمَّ سكت. وروى عَنهُ: مثل مَا يَقُول طَائِفَة أُخْرَى، وَهُوَ أَن يَقُول مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن حَتَّى يبلغ: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، فَيَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، بدل كل مِنْهُمَا مرَّتَيْنِ، على حسب مَا يَقُول الْمُؤَذّن، ثمَّ لَا يزِيد على ذَلِك، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يخْتم الْأَذَان، وَهُوَ رِوَايَة البُخَارِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>