للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَا فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ الْمَذْكُورَة الْآن. وَفِي كتاب أبي الشَّيْخ، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سعد بن عمار: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِلَالًا أَن يَجْعَل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) . وَمن حَدِيث ابْن كاسب: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد وَعُمَيْر وعمار ابْني حَفْص عَن آبَائِهِم عَن أجدادهم عَن بِلَال: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أَذِنت فَاجْعَلْ إصبعيك فِي أذنيك، فَإِنَّهُ أرفع لصوتك) . وَذكر ابْن الْمُنْذر فِي كتاب (الْأَشْرَاف) : أَن أَبَا مَحْذُورَة (جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) زَاد فِي (شرح الْهِدَايَة) : ضم أَصَابِعه الْأَرْبَع ووضعها على أُذُنَيْهِ، وَفِي (المُصَنّف) لِابْنِ أبي شيبَة: عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا أذن اسْتقْبل الْقبْلَة وَأرْسل يَدَيْهِ، فَإِذا بلغ: الصَّلَاة والفلاح، أَدخل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَفِي الصَّلَاة لأبي نعيم عَن سهل بن سعد، قَالَ: (من السّنة أَن تدخل إصبعيك فِي أذنيك) . وَكَانَ سُوَيْد بن غَفلَة يَفْعَله، وَكَذَا ابْن جُبَير، وَأمر بِهِ الشّعبِيّ وَشريك. قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه قَالَ الْحسن، وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بن سِيرِين، وَقَالَ مَالك: ذَلِك وَاسع. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: عَلَيْهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم فِي الْأَذَان. وَقَالَ بعض أهل الْعلم: وَفِي الْإِقَامَة أَيْضا، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ ابْن بطال: وَهُوَ مُبَاح عِنْد الْعلمَاء، وروى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن جعل إِحْدَى يَدَيْهِ على أُذُنَيْهِ فَحسن، وَبِه قَالَ أَحْمد. قَوْله: (جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ) مجَاز عَن الْأُنْمُلَة من بَاب إِطْلَاق الْكل وَإِرَادَة الْجُزْء، وَالْحكمَة فِيهِ أَنه يُعينهُ على رفع صَوته، وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيث ابْن كاسب الْمَذْكُور: (فَإِنَّهُ أرفع لصوتك) . وَيُقَال: إِنَّه رُبمَا لَا يسمع صَوته من بِهِ صمم، فيستدل بِوَضْع إصبعيه على أُذُنَيْهِ على ذَلِك، وَلم يبين فِي الحَدِيث مَا هِيَ الإصبع، وَنَصّ النَّوَوِيّ على أَنَّهَا: المسبحة، وَلَو كَانَ فِي إِحْدَى يَدَيْهِ عِلّة جعل الإصبع الْأُخْرَى فِي صماخه، وَصرح الرَّوْيَانِيّ: أَن ذَلِك لَا يسْتَحبّ فِي الْإِقَامَة لفقد الْمَعْنى الَّذِي علل بِهِ، وَعَن بَعضهم: أَنه يسْتَحبّ فِي الْإِقَامَة أَيْضا، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَكَانَ ابنُ عُمَرَ لَا يَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ

ذكر هَذَا التَّعْلِيق بِصِيغَة التَّصْحِيح، فَكَأَن ميله إِلَيْهِ. وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع: حَدثنَا سُفْيَان عَن نسير قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر يُؤذن على بعير، قَالَ سُفْيَان: فَقلت لَهُ: رَأَيْته يَجْعَل أَصَابِعه فِي أُذُنَيْهِ؟ قَالَ: لَا. ونسير، بِضَم النُّون وَفتح السِّين الْمُهْملَة: ابْن ذعلوق، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَضم اللَّام وَفِي آخِره قَاف: أَبُو طعمة.

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لَا بَأسَ أنْ يُؤَذِّن عَلَى غَيرِ وُضُوءٍ

إِبْرَاهِيم هُوَ: النَّخعِيّ، وروى هَذَا التَّعْلِيق ابْن ابي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن جرير عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء، ثمَّ ينزل فيتوضأ. وَحدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم: لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء. وَعَن قَتَادَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود وَحَمَّاد: لَا بَأْس أَن يُؤذن الرجل وَهُوَ على غير وضوء، وَعَن الْحسن: لَا بَأْس أَن يُؤذن غير طَاهِر، وَيُقِيم وَهُوَ طَاهِر. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) من أَصْحَابنَا: وَيَنْبَغِي أَن يُؤذن وَيُقِيم على طهر، لِأَن الْأَذَان وَالْإِقَامَة ذكر شرِيف، فَيُسْتَحَب فِيهِ الطَّهَارَة، فَإِن أذن على غير وضوء جَازَ، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَعَامة أهل الْعلم، وَعَن مَالك: أَن الطَّهَارَة شَرط فِي الْإِقَامَة دون الْأَذَان. وَقَالَ عَطاء وَالْأَوْزَاعِيّ وَبَعض الشَّافِعِيَّة: تشْتَرط فيهمَا. وَقَالَ أَصْحَابنَا: وَيكرهُ أَن يُقيم على غير وضوء لما فِيهِ من الْفَصْل بَين الْإِقَامَة وَالصَّلَاة، بالاشتغال بأعمال الْوضُوء. وَعَن الْكَرْخِي: لَا تكره الْإِقَامَة بِلَا وضوء، وَتكره عندنَا أَن يُؤذن وَهُوَ جنب، وَذكر مُحَمَّد فِي (الْجَامِع الصَّغِير) : إِذا أذن الْجنب أحب إِلَيّ أَن يُعِيد الْأَذَان، وَإِن لم يعد أَجزَأَهُ. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : الْأَشْبَه بِالْحَقِّ أَن يُعَاد أَذَان الْجنب، وَلَا تُعَاد الْإِقَامَة، لِأَن تكْرَار الْأَذَان مَشْرُوع فِي الْجُمْلَة.

وَقَالَ عَطَاءٌ الوُضُوءُ حقٌّ وَسُنَّةٌ

أَي: عَطاء بن أبي رَبَاح. قَوْله: حق أَي ثَابت فِي الشَّرْع قَوْله (وَسنة) أَي: وَسنة للشَّرْع، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، قَالَ: قَالَ لي عَطاء: حق وَسنة مسنونة أَن لَا يُؤذن الْمُؤَذّن إلَاّ متوضأ، هُوَ من الصَّلَاة، هُوَ فَاتِحَة الصَّلَاة، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي، عَن معقل بن عبيد الله، عَن عَطاء أَنه كره أَن يُؤذن الرجل وَهُوَ على غير وضوء، وَقد جَاءَت هَذِه اللَّفْظَة مَرْفُوعَة، وَذكرهَا أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عَاصِم: حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن مُعَاوِيَة عَن يحيى عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يُؤذن

<<  <  ج: ص:  >  >>