للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتسْعُونَ حرفا. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ، رَحمَه الله فِي (جَامعه) : عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ فِي الصُّبْح بِسُورَة الْوَاقِعَة، وروى عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر من سِتِّينَ آيَة إِلَى مائَة. وروى السراج بِسَنَد صَحِيح عَن الْبَراء: (صلى بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح فَقَرَأَ بأقصر سورتين فِي الْقُرْآن) . فَإِن قلت: مَا وَجه هَذِه الاختلافات؟ قلت: قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن هَذِه بِحَسب اخْتِلَاف الْأَحْوَال وَالزَّمَان أَلا يرى إِلَى مَا روى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) بِسَنَد صَحِيح: عَن أنس قَالَ: (صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر بأقصر سورتين من الْقُرْآن، وَقَالَ: إِنَّمَا أسرعت لتفرغ الْأُم إِلَى صبيها، وَسمع صَوت صبي) ؟ وروى أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح: عَن معَاذ بن عبد الله عَن رجل من جُهَيْنَة: (سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح {إِذا زلزلت} فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما) . وَجَاء مثل هَذَا الِاخْتِلَاف أَيْضا من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد: (صلى بِنَا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْفجْر فَقَرَأَ آلمر ولإيلاف قُرَيْش) . وَفِي: (وَصلى أَبُو بكر صَلَاة الصُّبْح بِسُورَة الْبَقَرَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما) . وَقَالَ الفرافصة بن عُمَيْر: مَا أخذت سُورَة يُوسُف، عَلَيْهِ السَّلَام، إِلَّا من قِرَاءَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِيَّاهَا فِي الصُّبْح من كَثْرَة مَا يكررها. وَفِي (الْمُوَطَّأ) قَالَ عَامر بن ربيعَة: قَرَأَ عمر فِي الصُّبْح سُورَة الْحَج وَسورَة يُوسُف، عَلَيْهِ السَّلَام، قِرَاءَة بطيئة. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لما قدمت الْمَدِينَة مُهَاجرا صليت خلف سِبَاع بن عرفطة الصُّبْح، فَقَرَأَ فِي الأولى سُورَة مَرْيَم، وَفِي الْأُخْرَى سُورَة: ويل لِلْمُطَفِّفِينَ، ذكره ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَلم يسم سباعا. وَعَن عمر بن مَيْمُون: لما طعن عمر صلى بهم ابْن عَوْف الْفجْر فَقَرَأَ {إِذا جَاءَ نصر الله} (الْفَتْح: ١) . والكوثر، وَذكر أَن عمر قَرَأَ فِي الصُّبْح: بِيُونُس وبهود، وَقَرَأَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِيُوسُف والكهف، وَقَرَأَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بالأنبياء، وَقَرَأَ عبد الله بسورتين إِحْدَاهمَا بَنو إِسْرَائِيل، وَقَرَأَ معَاذ بِالنسَاء، وَقَالَ أَبُو دَاوُد الأودي: كنت أُصَلِّي وَرَاء عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْغَدَاة فَكَانَ يقْرَأ: إِذا الشَّمْس كورت، وَإِذا السَّمَاء انفطرت، وَنَحْو ذَلِك من السُّور. وَجَاء مثل ذَلِك أَيْضا عَن التَّابِعين. وَفِي كتاب أبي نعيم: عَن الْحَارِث بن فُضَيْل قَالَ: أَقمت عِنْد ابْن شهَاب عشرا، فَكَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر: تبَارك، وَقل هُوَ الله أحد. وَقَالَ ابْن بطال: وَقَرَأَ عُبَيْدَة بالرحمن، وَإِبْرَاهِيم بيسين، وَعمر بن عبد الْعَزِيز بسورتين من طوال الْمفصل. وَقَالَ ابْن بطال: وَمَا ذكرنَا من الِاخْتِلَاف من السّلف دلّ أَنهم فَهموا عَن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِبَاحَة التَّطْوِيل وَالتَّقْصِير، وَأَنه لَا حد لَهُ فِي ذَلِك.

٧٧٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْماعِيلُ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَطَاءٌ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُولُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُقْرَأُ فَمَا أسْمَعَنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسْمَعْنَاكُمْ وَما أخْفَى عَنَّا أخْفَيْنَا عَنْكُمْ وَإنْ لَمْ تَزدْ عَلَى أُمِّ القُرْآنِ أجْزَأتْ وَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله: (فِي كل صَلَاة يقْرَأ) لِأَن التَّرْجَمَة فِي: بَاب الْقِرَاءَة فِي الْفجْر، وَهُوَ دَاخل فِي قَوْله: (كل صَلَاة) . وَقَالَ بَعضهم: وَكَأن المُصَنّف قصد بإيراد حَدِيثي أم سَلمَة وَأبي بَرزَة فِي هَذَا الْبَاب بَيَان حالتي السّفر والحضر، ثمَّ ثلث بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة الدَّال على عدم اشْتِرَاط قدر معِين قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث أبي بَرزَة مَا يدل على حكم الْقِرَاءَة فِي السّفر أَو الْحَضَر، وَإِنَّمَا هُوَ مُطلق، وَلم يكن إِيرَاده حَدِيث أبي هُرَيْرَة، إلاّ أَن صَلَاة الْفجْر لَا بُد لَهَا من الْقِرَاءَة لدخولها تَحت قَوْله: (فِي كل صَلَاة يقْرَأ) ، وَقد علم أَن لَفْظَة: كل، إِذا أضيفت إِلَى النكرَة تَقْتَضِي عُمُوم الْإِفْرَاد.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد. الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن علية. الثَّالِث: عبد الْملك بن جريج. الرَّابِع: عَطاء ابْن أبي رَبَاح. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع وَفِي مَوضِع بِالْإِفْرَادِ. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور وَقد تكلم فِيهِ يحيى بن معِين فِي حَدِيثه عَن ابْن جريج خَاصَّة، لَكِن تَابعه عَلَيْهِ عبد الرَّزَّاق وَمُحَمّد بن بكر وغندر عِنْد أَحْمد، وحبِيب بن الشَّهِيد وحبِيب الْمعلم عِنْد مُسلم، وخَالِد بن الْحَارِث

<<  <  ج: ص:  >  >>