للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَّا نسيناها وَإِمَّا تركناها عمدا) . قَوْله: (صَلَاة) بِالنّصب مفعول: ذكر، قَوْله: (كُنَّا نصليها) ، جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا صفة لقَوْله: (صَلَاة) . قَوْله: (كلما رفع وَكلما وضع) يَعْنِي: فِي جَمِيع الِانْتِقَالَات، وَلَكِن خص مِنْهُ الرّفْع من الرُّكُوع بِالْإِجْمَاع، فَإِنَّهُ شرع فِيهِ التَّحْمِيد.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن التَّكْبِير فِي كل خفض وَرفع، وَإِلَيْهِ ذهب عَطاء بن أبي رَبَاح وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وأصحابهم، ويحكى ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَقيس بن عبَادَة وَآخَرين، وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَمُحَمّد بن سِيرِين وَالقَاسِم وَسَالم بن عبد الله وَسَعِيد بن جُبَير وَقَتَادَة لَا يكبرُونَ فِي الصَّلَاة إِذا خفضوا. وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : حَدثنَا أَبُو دَاوُد عَن شُعْبَة عَن الْحسن بن عمرَان أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ لَا يتم التَّكْبِير. حَدثنَا يحيى بن سعيد (عَن عبيد الله بن عمر، قَالَ: صليت خلف الْقَاسِم وَسَالم فَكَانَا لَا يتمان التَّكْبِير) . حَدثنَا غنْدر عَن شُعْبَة عَن عمر بن مرّة، قَالَ: (صليت مَعَ سعيد بن جُبَير فَكَانَ لَا يتم التَّكْبِير) . حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان عَن مسعر عَن يزِيد الْفَقِير، قَالَ: كَانَ ابْن عمر ينقص التَّكْبِير فِي الصَّلَاة. وَقَالَ مسعر: إِذا انحط بعد الرُّكُوع للسُّجُود لم يكبر فَإِذا أَرَادَ أَن يسْجد الثَّانِيَة لم يكبر، ويحكى عَن عمر بن الْخطاب أَيْضا. وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن أبي الْوَلِيد قَالَ: أَخْبرنِي شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن رجل عَن ابْن ابزى عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب أمّهم فَلم يكبر هَذَا التَّكْبِير، ويحكى عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا. وَأخرج عبد الرَّزَّاق بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن يزِيد، قَالَ: صليت مَعَ ابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ فَلم يكبر هَذَا التَّكْبِير بِالرَّفْع والخفض. قلت: الْمَشْهُور عَن هَؤُلَاءِ التَّكْبِير فِي الْخَفْض وَالرَّفْع، وَرِوَايَات هَؤُلَاءِ مَحْمُولَة على أَنهم تَرَكُوهُ أَحْيَانًا بَيَانا للْجُوَاز، أَو الرَّاوِي لم يسمع ذَلِك مِنْهُم لخفا الصَّوْت، وَكَانَت بَنو أُميَّة يتركون التَّكْبِير فِي الْخَفْض وهم مثل مُعَاوِيَة وَزِيَاد وَعمر بن عبد الْعَزِيز. قَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور عَن أبراهيم قَالَ: أول من نقص التَّكْبِير زِيَاد، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِن أَبَا هُرَيْرَة سُئِلَ: مَن أول من ترك التَّكْبِير إِذا رفع رَأسه وَإِذا وَضعه؟ قَالَ: مُعَاوِيَة. وَقَالَ أَبُو عبد الله الْعَدنِي فِي (مُسْنده) : حَدثنَا بشر بن الْحَارِث حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن ثُوَيْر عَن أَبِيه عَن عبد الله قَالَ: أول من نقص التَّكْبِير الْوَلِيد بن عقبَة، فَقَالَ عبد الله: نقصوها نقصهم الله، فقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يكبر كلما ركع وَكلما سجد وَكلما رفع رَأسه، وَعَن بعض السّلف: انه كَانَ لَا يكبر سوى تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَفرق بَعضهم بَين الْمُنْفَرد وَغَيره. . فَإِن قلت: مَا تَقول فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي الْخُزَاعِيّ: (أَنه صلى مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ لَا يتم التَّكْبِير) ؟ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد والطَّحَاوِي؟ قلت: قَالُوا: إِنَّه ضَعِيف ومعلول بالْحسنِ بن عمرَان أحد رُوَاته. قَالَ الطَّبَرِيّ: هُوَ مَجْهُول لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) ، عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: إِنَّه حَدِيث بَاطِل، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب فَإِن قلت: شَكَوْت أبي دَاوُد والطَّحَاوِي يدل على الصِّحَّة عِنْدهمَا؟ قلت: وَلَئِن سلمنَا صِحَّته فَالْجَوَاب مَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وتأوله الْكَرْخِي على حذفه، وَذَلِكَ نُقْصَان صفة عدد، وَأجَاب الطَّحَاوِيّ: أَن الْآثَار المتواترة على خِلَافه، وَأَن الْعَمَل على غَيره. فَإِن قلت: تَكْبِيرَة الِانْتِقَالَات سنة أم وَاجِبَة؟ قلت: اخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ قوم: هِيَ سنة، قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه قَالَ أَبُو بكر الصّديق وَعمر وَجَابِر وَقيس بن عبَادَة وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة، وَنَقله ابْن بطال أَيْضا عَن عُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَابْن الزبير وَمَكْحُول وَالنَّخَعِيّ وَأبي ثَوْر، وَقَالَت الظَّاهِرِيَّة وَأحمد فِي رِوَايَة: كلهَا وَاجِبَة. وَقَالَ أَبُو عمر: قد قَالَ قوم من أهل الْعلم: إِن التَّكْبِير أَنما هُوَ أذن بحركات الإِمَام وشعار الصَّلَاة وَلَيْسَ بِسنة إلاّ فِي الْجَمَاعَة، فَأَما من صلى وَحده فَلَا بَأْس عَلَيْهِ أَن يكبر. وَقَالَ سعيد بن جُبَير: إِنَّمَا هُوَ شَيْء يزين بِهِ الرجل صلَاته، وَقَالَ ابْن حزم فِي (الْمحلى) : وَالتَّكْبِير للرُّكُوع فرض، وَقَول: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم فِي الرُّكُوع فرض، وَالْقِيَام إِثْر الرُّكُوع فرض لمن قدر عَلَيْهِ حَتَّى يعتدل قَائِما، وَقَول: سمع الله لمن حَمده، عِنْد الْقيام من الرُّكُوع فرض، فَإِن كَانَ مَأْمُوما فَفرض عَلَيْهِ أَن يَقُول بعد ذَلِك، رَبنَا لَك الْحَمد، أَو: وَلَك الْحَمد، وَلَيْسَ هَذَا فرضا على إِمَام وَلَا فذ، فَإِن قَالَاه كَانَ حسنا وَسنة، وَالتَّكْبِير لكل سَجْدَة مِنْهَا فرض، وَقَول: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، فِي كل سَجْدَة فرض، وَوضع الْجَبْهَة وَالْيَدَيْنِ وَالْأنف والركبتين وصدور الْقَدَمَيْنِ على مَا هُوَ قَائِم عَلَيْهِ مِمَّا أُبِيح لَهُ التَّصَرُّف عَلَيْهِ فرض، كل ذَلِك، وَالْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ فرض، والطمأنينة فِيهِ فرض، وَالتَّكْبِير

<<  <  ج: ص:  >  >>